بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١١٤
شتى كحرث الأرض، وضرب اللبن، وقطع الخشب، وما أشبه ذلك فجعل ضوء القمر معونة للناس على معايشهم إذا احتاجوا إلى ذلك، وانسا للسائرين، وجعل طلوعه في بعض الليل دون بعض، ونقص مع ذلك من نور الشمس وضيائها لكيلا تنبسط الناس في العمل انبساطهم بالنهار، ويمتنعوا من الهدء والقرار فيهلكهم ذلك وفي تصرف القمر خاصة في مهله (1) ومحاقه وزيادته ونقصانه وكسوفه من التنبيه على قدرة الله خالقه المصرف له هذا التصريف لصلاح العالم ما يعتبر به المعتبرون.
ايضاح: الدولة بالفتح والضم: انقلاب الزمان، ودالت الأيام: دارت، والله يداولها بين الناس. وهدأ كمنع هدءا وهدوءا: سكن. ويقال: نكيت في العدو نكاية إذا قتلت فيهم وجرحت. وجثم الانسان والطائر والنعام، يجثم جثما وجثوما: لزم مكانه لم يبرح، والمراد جثومهم في الليل. والتظاهر: التعاون. ونور الشجر أي أخرج نوره. وحدم النار: شدة احتراقها. والتقصي: بلوغ أقصى الشئ ونهايته. والغابر الباقي والماضي، والمراد هنا الثاني. وبزغت الشمس بزوغا: شرقت، أو البزوغ ابتداء الطلوع. وقال الجوهري: اعتل عليه واعتله: إذا اعتاقه عن أمر. انتهى. وليلة داجية أي مظلمة.
فكر يا مفضل في النجوم واختلاف مسيرها فبعضها لا تفارق مراكزها من الفلك ولا تسير إلا مجتمعة، وبعضها مطلقة تنتقل في البروج وتفترق في مسيرها فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين: أحدهما عام مع الفلك نحو المغرب، والآخر خاص لنفسه نحو المشرق، كالنملة التي تدور على الرحى فالرحى تدور ذات اليمين والنملة تدور ذات الشمال والنملة في تلك تتحرك حركتين مختلفتين: إحديهما بنفسها فتتوجه أمامها، والأخرى مستكرهة مع الرحى تجذبها إلى خلفها، فاسئل الزاعمين أن النجوم صارت على ما هي عليه بالاهمال من غير عمد ولا صانع لها ما منعها أن تكون كلها راتبة؟ أو تكون كلها منتقلة؟ فإن الاهمال معنى واحد فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على وزن وتقدير؟
ففي هذا بيان أن مسير الفريقين على ما يسيران عليه بعمد وتدبير وحكمة وتقدير، وليس بإهمال كما تزعم المعطلة.

(1) وفي نسخة: خاصة في تهلله.
(١١٤)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309