بارسالها إليه، واعلامه بأن رسول الله صلى الله عليه وآله يموت ما كان، ومن حديث الصلاة بالناس ما عرف، فنسب علي عليه السلام عائشة أنها أمرت بلالا مولى أبيها أن يأمره فليصل بالناس، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كما روي قال: ليصل بهم أحدهم ولم يعين وكانت صلاة الصبح.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في آخر رمق يتهادى بين علي عليه السلام والفضل بن العباس حتى قام في المحراب، كما ورد في الخبر، ثم دخل فمات ارتفاع الضحى، فجعل يوم صلاته حجة في صرف الأمر إليه، وقال: أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يحملوا خروج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الصلاة، لصرفه عنها، بل لمحافظته على الصلاة مهما أمكن، فبويع على هذه النكتة التي اتهمها علي عليه السلام على أنها ابتدأت منها.
وكان علي عليه السلام يذكر هذا لأصحابه في خلواته كثيرا، ويقول: انه لم يقل صلى الله عليه وآله:
إنكن لصويحبات يوسف، الا انكارا لهذه الحال وغضبا منها، لأنها وحفصة تبادرتا إلى تعيين أبويهما، وأنه استدركها بخروجه وصرفه عن المحراب، فلم يجد ذلك، ولا أثر مع قوة الداعي الذي كان يدعوا إلى أبي بكر ويمهد له قاعدة الأمر، وتقرر حاله في نفوس الناس ومن اتبعه على ذلك من أعيان المهاجرين والأنصار.
ولما ساعد على ذلك من الحظ الفلكي والأمر السمائي، الذي جمع عليه القلوب والأهواء، فكانت هذه الحال عند علي عليه السلام أعظم من كل عظيم، وهي الطامة الكبرى، والمصيبة العظمى، ولم ينسبها الا إلى عائشة وحدها، ولا علق الأمر الواقع الا بها، فدعا عليها في خلواته وبين خواصه، وتظلم إلى الله منها، وجرى له في تخلفه عن البيعة ما هو مشهور حتى بايع.
وكان يبلغه وفاطمة عليها السلام عنها كل ما يكرهانه منذ مات رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن توفيت فاطمة، وهما صابران على مضض ورمض، واستظهرت بولاية أبيها،