كدر وشنئان، وهذا لابد منه، لأن الزوجة تنفس عليها ميل الأب، والبنت تكره ميل أبيها إلى امرأة غريبة كالضرة لامها، بل ضرة على الحقيقة.
ثم قال بعد كلام: وأكرم رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام اكراما عظيما أكثر مما كان الناس يظنونه، وأكثر من اكرام الرجال لبناتهم حتى خرج بها عن حد حب الاباء للأولاد، فقال بمحضر الخاص والعام مرارا لا مرة واحدة، وفي مقامات مختلفة لا في مقام واحد: انها سيدة نساء العالمين، وانها عديلة مريم بنت عمران، وانها إذ مرت في الموقف نادى مناد من جهة العرش: يا أهل الموقف غضوا أبصاركم لتعبر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله، وهذا من الأخبار الصحيحة وليس من الأخبار المستضعفة.
وان انكاحه عليا عليه السلام إياها ما كان الا بعد أن أنكحه الله تعالى إياها في السماء بشهادة الملائكة، وكم قال لا مرة: يؤذيني ما يؤذيها، ويغضبني ما يغضبها، وانها بضعة مني يريبني ما رابها. فكان هذا وأمثاله يوجب زيادة الضغن عند الزوجة حسب زيادة هذا التعظيم والتبجيل، والنفوس البشرية تغيظ على ما هو دون هذا فكيف هذا.
ثم حصل عند بعلها ما هو حاصل عندها، أعني: عليا عليه السلام، فان النساء كثيرا ما يحصلن (1) الأحقاد في قلوب الرجال، وكانت تكثر الشكوى من عائشة، وتغشاها نساء المدينة وجيران بيتها، فينقلن إليها كلمات عن عائشة ثم يذهبن إلى بيت عائشة فينقلن إليها كلمات عن فاطمة، وكما كانت فاطمة تشكو إلى بعلها، كانت عائشة تشكو إلى أبيها، لعلمها أن بعلها لا يشكيها على ابنته، فحصل في نفس أبي بكر من ذلك أثر ما، ثم تزايد تقريظ رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام وتقريبه واختصاصه، فأحدث ذلك حسدا له، وغبطة في نفس أبي بكر عنه وهو أبوها، وفي