قيل: انه كان يعس بالليل، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت، فارتاب، فتسور الحائط، فوجد امرأة ورجلا وعندها زق خمر، فقال: يا عدو الله أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصية؟ قال: يا أمير المؤمنين ان كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث، قال الله تعالى ﴿ولا تجسسوا﴾ (١) وقد تجسست، وقال ﴿وآتوا البيوت من أبوابها﴾ (٢) وقد تسورت، وقال ﴿وإذا دخلتم بيوتا فسلموا﴾ (3) وما سلمت.
وقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا محرمهما ومعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج. وهذا الكلام وإن كان ظاهره منكرا، فله عندنا مخرج وتأويل، وقد ذكره أصحابنا الفقهاء في كتبهم.
وكان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعنجهية ظاهرة، يحسب السامع لها أنه أراد بها ما لم يكن قد أراد، ويتوهم من تحكى له أنه قصد بها ما لم يقصده.
فمنها: الكلمة التي قالها في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعاذ الله أن يقصد بها ظاهرها، لكنه أرسلها على مقتضى خشونة غريزية ولم يتحفظ منها، وكان الأحسن أن يقول مغمور أو مغلوب بالمرض، وحاشاه أن يعني بها غير ذلك، ولجفاة الأعراب من هذا الفن كثير، سمع سليمان بن عبد الملك أعرابيا يقول في سنة القحط:
رب العباد مالنا ومالكا * قد كنت تسقينا فما بدا لكا أنزل علينا القطر لا أبا لكا فقال سليمان: أشهد أنه لا أب له ولا صاحبة ولا ولد، فأخرجه أحسن مخرج،