المثل فيه، حتى عابه بذلك أعداؤه. قال عمرو بن العاص لأهل الشام: انه ذو دعابة شديدة، وقال علي عليه السلام في ذاك: عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة، واني امرئ تلعابة اعافس وأمارس، وعمرو بن العاص إنما أخذها من عمر، لقوله له لما عزم على استخلافه: لله أبوك لولا دعابة فيك. الا أن عمر اقتصر عليها، وعمرو زاد فيها وسمجها.
قال صعصعة بن صوحان وغيره من شيعته وأصحابه: كان فينا كأحدنا، لين جانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه.
وقال معاوية لقيس بن سعد: رحم الله أبا حسن فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة، قال قيس: نعم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يمزح ويتبسم إلى أصحابه، وأراك تسر حسوا في ارتغاء، وتعيبه بذلك، أما والله لقد كان مع تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبدتين قد مسه الطوى، تلك هيبة التقوى، ليس كما يهابك طغام أهل الشام.
وقد بقي هذا الخلق متوارثا متناقلا في محبيه وأوليائه إلى الان، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر، ومن له أدنى معرفة بأخلاق الناس وعوائدهم يعرف ذلك.
وأما الزهد في الدنيا، فهو سيد الزهاد، وبدل الأبدال، واليه تشد الرحال، وعنده تنفض الأحلاس، ما شبع من طعام قط، وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا.
قال عبد الله بن أبي رافع: دخلت إليه يوم عيد، فقدم جرابا مختوما، فوجدنا فيه خبز شعير يابسا مرضوضا، فقدم فأكل، فقلت: يا أمير المؤمنين فكيف تختمه؟
قال: خفت هذين الولدين أن يلتاه بسمن أو زيت.
وكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة وليف أخرى، ونعلاه من ليف، وكان يلبس