أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) (1) وروي عنه أنه كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتى مجلت (2) يده، ويتصدق بالأجرة، ويشد على بطنه حجرا.
وقال الشعبي وقد ذكره عليه السلام: كان أسخى الناس كان على الخلق الذي يحبه الله:
السخاء والجود، ما قال لا لسائل قط.
وقال عدوه ومبغضه الذي يجتهد في وصمه وعيبه معاوية بن أبي سفيان لمحفن بن أبي محفن الضبي لما قال له: جئتك من عند أبخل الناس، فقال: ويحك كيف تقول انه أبخل الناس، ولو ملك بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفذ تبره قبل تبنه. وهو الذي يكنس بيوت الأموال ويصلي فيها، وهو الذي قال: يا صفراء ويا بيضاء غري غيري، وهو الذي لم يخلف ميراثا، وكانت الدنيا كلها بيده الا ما كان من الشام.
وأما الحلم والصفح، فكان أحلم الناس عن ذنب، وأصفحهم عن مسئ، وقد ظهرت صحة ما قلناه يوم الجمل، حيث ظفر بمروان بن الحكم، وكان أعدى الناس له، وأشدهم بغضا، فصفح عنه.
وكان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة فقال:
قد أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب، وكان علي عليه السلام يقول: ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى شب عبد الله، فظفر به يوم الجمل، فأخذه أسيرا، فصفح عنه، وقال: اذهب فلا أرينك، لم يزده على ذلك. وظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكة وكان له عدوا، فأعرض عنه ولم يقل له شيئا.
وقد علمتم ما كان من عائشة في أمره، فلما ظفر بها أكرمها، وبعث معها إلى المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس، عممهن بالعمائم، وقلدهن بالسيوف،