جاءها أبي فسلم على الباب، ثم دخل وبينها وبينه حجاب فذكرت له بعض الأمر ولم تشرحه له، فلما أمسينا بعثنا إلى عائشة واستأذنا عليها فأذنت لنا، قالت كبشة: فدخلت في نسوة من الأنصار فحدثتنا بمخرجها وأنها لا تظن الأمر يبلغ إلى ما بلغ.
ثم قالت: لقد عمل لي على هودج جملي (1)، ثم ألبس الحديد ودخلت فيه، وقمت في وسط من الناس أدعو إلى الصلح وإلى كتاب الله والسنة، فليس أحد يسمع من كلامي حرفا، وعجل من لقينا بالقتال، فرموا النبل وصرعتهم القوم فلا أدرك حتى قتل من أصحاب علي رجل أو رجلان، ثم تقارب الناس ولحم الشر فصار القوم ليس لهم همة إلا جملي، ولقد دخلت علي سهام فجرحتني - فأخرجت ذراعها وأرتنا جرحا على عضدها فبكت وأبكتنا - قالت: وجعل كلما أخذ رجل بخطام جملي قتل، حتى أخذه ابن أختي عبد الله، فصحت به وناشدته بالرحم أن يتجافاني.
فقال: يا أماه! هو الموت، يقتل الرجل - وهو عظيم الغنى عن الأصحاب - على نيته خير من أن يدرك وقد فارقته نيته.