اسم هذا الموضع؟ فقال لها السائق لجملها: الحوأب، فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك، فقالت: ردوني إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا حاجة لي في المسير، فقال الزبير: بالله ما هذا الحوأب، ولقد غلط فيما أخبرك به، وكان طلحة في ساقة الناس، فلحقها فأقسم أن ذلك ليس بالحوأب، وشهد معهما خمسون رجلا ممن كان معهم، فكان ذلك أول شهادة زور أقيمت في الإسلام) (1).
فمن يقرأ الحديث في الوهلة الأولى يعتقد أو يتصور أن عائشة المسكينة قد غرر بها، وأرادت الاصلاح بين فئتين مؤمنتين عند مسيرها إلى البصرة، وعندما بلغت الموضع الذي نبحتها كلابه، واستفسرت من سائق جملها وأعلمها أنه الحوأب تذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، فاسترجعت وصاحت ردوني، كأنها ندمت على خروجها، وأرادت العودة لولا قسم الزبير وطلحة بأن هذا ليس هو الحوأب! وأيضا لولا شهادة الخمسين علجا لصفعت الزبير وطلحة على فعلهما القبيح، ولعقرت الجمل الذي يحمل على ظهره السوء والمنكر.
لكن عائشة كانت تعلم علم اليقين أن هذه الشهادة هي شهادة زور، وهي على قناعة بأن هذا المكان هو الحوأب بعينه، وأن الجمل الذي يحملها هو الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا ما يؤيده كثير من القرائن والحجج الدامغة التي خلفتها لنا أم المؤمنين عائشة.