وصول الأخيار إلى أصول الأخبار - والد البهائي العاملي - الصفحة ١٢٢
عليه السلام قال: من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار (1).
وروينا بالطرق عنه عن علي بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: طلبة العلم ثلاثة فأعرفهم بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجدل والمراء وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل: فصاحب الجدل والمراء مؤذ ممار يتعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفته الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه (2)، وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق (3) يستطيل على مثله من أشباهه ويتواضع للأغنياء من دونه فهو لحلوائهم هاضم ولدينه حاطم فأعمى الله على هذا خبره وقطع من العلماء أثره، وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة (4) وحزن وسهر قد تحنك (5) في برنسه وقام الليل في حندسه (6) يعمل ويخشى وجلا داعيا " مشفقا " مقبلا على شأنه عارفا " بأهل زمانه مستوحشا " (7) من أوثق إخوانه فشد

١. الكافي ١ / 47 وفي آخره (ان الرئاسة لا تصلح الا لأهلها).
2. الخيشوم: أقصى الانف. والحيزوم: الصدر وقيل وسط الصدر.
3. الخب بالكسر: الخدعة. ملقته وملقت له: توددته وتملقت له كذلك.
4. الكآبة: الحزن أشد الحزن.
5. تحنك فلان: إذا أدار العمامة تحت حنكه. والبرنس: كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره. قيل: قلنسوة طويلة كان يلبسها الناسك في صدر الاسلام.
6. الحندس بكسر الحاء والدال وسكون النون: الليل المظلم، والظلمة أيضا ".
7. لعله بأن المرضى من الناس من كل وجه عزيز الوجود وان مجالستهم ومخالطتهم تميت القلب وتفسد الدين ويحصل للنفس بسببها ملكات مهلكة مؤدية إلى الخسران المبين، فيختار الوحشة منهم والاعتزال عنهم.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست