عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٢٧
فقال: والذي أكرمك بالنبوة، ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه!
فقال الملك: الله أكبر، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر، قال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، لا اله الا أنا، قال الملك: أشهد أن محمدا رسول الله، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، أنا أرسلت محمدا رسولا، قال الملك:
حي على الصلاة، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، دعى إلى عبادتي قال الملك: حي على الفلاح، فنودي من وراء الحجاب، صدق عبدي، قد أفلح من واظب عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يومئذ أكمل لي الشرف على الأولين والآخرين (1).
(9) وعنه باسناده، قال أبو العباس: حدثني السيد السعيد، بهاء الدين علي بن عبد الحميد، قال: روى لي الخطيب الواعظ، الأستاذ الشاعر، يحيى بن النحل الكوفي الزيدي مذهبا، عن صالح بن عبد الله اليمني، كان قدم الكوفة، قال يحيى: ورأيته بها سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، عن أبيه عبد الله اليمني وانه كان من المعمرين، وأدرك سلمان الفارسي رضي الله عنه، وأنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " حب الدنيا رأس كل خطيئة، ورأس العبادة حسن الظن بالله (2)، (3).

(١) البحار الطبعة الحديثة ج ١٨ باب الأذان والإقامة وفضلهما، نقله بطريقين عن صحيفة الرضا عليه السلام، وعن عوالي اللئالي.
(٢) البحار الطبعة الحديثة ج ٥١ (باب ذكر أخبار المعمرين) ص ٢٥٨ و رواه في المستدرك كتاب الجهاد باب (61) من أبواب جهاد النفس، حديث 17.
(3) قد أكثر سبحانه في كتابه وعلى ألسنة أنبيائه عليهم السلام من ذم الدنيا. و قد ورد في الاخبار مدحها أيضا كقوله عليه السلام: (نعم العون على الآخرة الدنيا).
وقوله عليه السلام: (الدنيا مزرعة الآخرة) وقول سيد الموحدين، وقد سمع رجلا يذم الدنيا، فقال في جملة كلامه: (الدنيا مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله ومتجر أولياء الله اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها، وقد أذنت بينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها) إلى آخر كلامه عليه السلام. وفي الحديث: (ان الانسان إذا قال: لعن الله الدنيا تقول الدنيا: لعن الله أعصانا لربه).
وأما حقيقتها، فقد غلط بعض الناس فيه. وهو عند التحقيق، عبارة عن الحالة التي تبعدك عن ربك وان كانت الصلاة! فان صلاة الرياء ونحوها مما وقع على غير المطلوب، ليس هو من أسباب الآخرة، فيكون من الدنيا المذمومة. والآخرة عبارة عما يقربك إليه، وإن كان الملك والسلطان، والمال والأعيان التي زينت بها الدنيا فوزارة علي بن يقطين عند الرشيد، كانت من أمور الآخرة، ضمن بها قضاء حوائج الشيعة وكذلك وزارة صاحب بن عباد عند فخر الدولة ونحو ذلك كثير.
وحكى لي أن رجلا من الشيعة وضع نفسه بالشام عسعسا يعس بالليل، ويعطى السلطان في كل سنة مالا جزيلا من غلة عقاره، ليخلص الشيعة من ضيق يقع عليهم، و هذا يخوض في نعيم الجنة من جهة كونه عسعسا. وبالجملة فكلما يوجد من الأعيان، فله جهتان، كالنقدين مثلا فان وقع انفاقه على ما يحب الله، فهو من أسباب الآخرة، و ان صرف على غير ما أمر به فهو من أمور الدنيا، وكذلك المناكح، والمآكل، والمراكب.
وقوله عليه السلام: (يا أبا ذر، ليكن لك في كل شئ نيته) وذلك أن دخول الكنيف بنية التفرغ للعبادة، والمحافظة للبدن، من أسباب الآخرة، ومقدمات العبادة، و كذلك الأكل، وحينئذ فالدنيا الممدوحة هي ما كان من أعيان الدنيا، وحالاتها وصلة ووسيلة إلى الآخرة والمذمومة، ما كان وسيلة إلى شهوات النفس وهواها، والقرب إلى دار الغرور والبعد من دار السرور إلى آخره (جه).
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 رسالة الردود والنقود على الكتاب والمؤلف مقدمة المؤلف وفيها فصول: 1
2 الفصل الأول: في كيفية اسناد المصنف وروايته لجميع ما ذكره من الأحاديث إلى المشايخ. 5
3 الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث. 15
4 الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الإجارة والمناولة. 21
5 الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30
6 الفصل الخامس: في أحاديث تتعلق بمعالم الدين وجملة من الآداب. 81
7 الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95
8 الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها 107
9 الفصل الثامن: في أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين روايتها تنتهي إلى النبي (ص). 128
10 الفصل التاسع: في أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه. 195
11 الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246
12 الباب الأول ومنه أربعة مسالك: 299
13 المسلك الأول: في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301
14 المسلك الثاني: في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349
15 المسلك الثالث: في أحاديث رواها الشيخ محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380