() - قال الصادق (عليه السلام): بينا إبراهيم خليل الرحمان في جبل بيت المقدس يطلب المرعى لغنمه، إذ (1) سمع صوتا فإذا هو برجل قائم يصلي، طوله اثنا عشر شبرا، فقال إبراهيم له: يا عبد الله، لمن تصلي؟ قال: لإله السماء، فقال إبراهيم: هل بقي أحد من قومك غيرك؟ قال: لا، قال: فمن أين تأكل؟ قال: أجتني من الشجر في الصيف وآكله في الشتاء، قال: فأين منزلك؟ قال: فأومأ بيده إلى جبل، فقال إبراهيم (عليه السلام): هل لك أن تذهب بي معك فأبيت عندك الليلة؟ فقال: إن قدامي ماء لا يخاض، قال: كيف تصنع؟ قال: أمشي عليه، قال: فاذهب بي معك فلعل الله أن يرزقني ما رزقك، قال: فأخذ العابد بيده فمضيا جميعا حتى انتهيا إلى الماء، فمشى ومشى عليه إبراهيم معه حتى انتهيا إلى منزله.
فقال إبراهيم (عليه السلام): أي الأيام أعظم؟ فقال له العابد: يوم يدان الناس بعضهم من بعض، قال: فهل لك أن ترفع يدك وأرفع يدي فندعو الله عز وجل أن يؤمننا شر ذلك اليوم؟ فقال له: وما تصنع بدعوتي؟ فوالله إن لي لدعوة منذ ثلاث سنين ما أجبت فيها بشئ، فقال له إبراهيم (عليه السلام): أولا أخبرك لأي شئ احتبست دعوتك؟ قال: بلى، قال له: إن الله عز وجل إذا أحب عبدا احتبس دعوته ليناجيه ويسأله ويطلب إليه، وإذا أبغض عبدا عجل له دعوته أو ألقى في قلبه اليأس منها.
ثم قال له: وما كانت دعوتك؟ قال: مر بي غنم ومعه غلام له ذوابة (2)، فقلت: يا غلام، لمن هذا الغنم؟ قال: لإبراهيم خليل الرحمان، فقلت:
اللهم إن كان لك في الأرض خليل فأرنيه، فقال له إبراهيم (عليه السلام): فقد استجاب لك، أنا إبراهيم خليل الرحمان، فعانقه، فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله)