البعد الرابع لشخصية الإمام (ع) غير أن ابعاد شخصية الإمام علي عليه السلام لا تنحصر في هذه الابعاد الثلاثة، فان لأولياء الله سبحانه بعدا رابعا، داخلا في هوية ذاتهم، وحقيقة شخصيتهم وهذا البعد هو الذي ميزهم عن سائر الشخصيات وأضفى عليهم بريقا خاصا ولمعانا عظيما.
وهذا البعد هو البعد المعنوي الذي ميز هذه الصفوة عن الناس وجعلهم نخبة ممتازة وثلة مختارة من بين الناس وهو كونهم رسل الله وأنبيائه أو خلفاءه وأوصياء أنبيائه.
نرى انه سبحان يأمر رسوله ان يصف نفسه بقوله: " قل سبحان ربي هل كنت الا بشرا رسولا " (الاسراء / 93).
فقوله: " بشرا " إشارة إلى الابعاد البشرية الموجودة في كل انسان طبيعي، وان كانوا يختلفون فيها في ما بينهم كمالا ولمعانا.
وقوله: " رسولا " إشارة إلى ذلك البعد المعنوي الذي ميزه ص عن الناس وجعله معلما وقدوة للبشر.
فلأجل ذلك يقف المرء في تحديد الشخصيات الإلهية على شخصية مركبة من بعدين: طبيعي وإلهي ولا يقدر على توصيفها الا بنفس ما وصفهم الله به سبحانه مثل قوله في شأن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله.
" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم " (الأعراف / 157).
وقد نزلت في حق الامام أمير المؤمنين عليه السلام آيات ووردت روايات.
وهذا الكتاب الذي بين يديك ويزخر بهذه الآيات والروايات يتكفل - في الحقيقة - تسليط الضوء على ذلك البعد المعنوي.