مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٥٠٩
واما قولك: ان عليا قاتل أهل صفين مقبلين ومدبرين وأجهز على جريحهم وانه يوم الجمل لم يتبع موليا ولم يجهز على جريحهم وكل من ألقى سيفه وسلاحه آمنه، فان أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير متحاربين ولا محتالين ولا متجسسين ولا متبارزين فقد رضوا بالكف عنهم وكان الحكم فيه رفع السيف والكف عنهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا، وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام منتصب يجمع لهم السلاح من الرماح والدروع والسيوف ويستعد لهم ويسنى لهم العطاء ويهئ لهم الأموال ويعقب مريضهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ويحمل راجلهم ويكسو حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتهم إذ لم تكن لهم فئة يرجعون إليها، والحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم ويجهز على جريحهم فلا يساوي بين الفريقين في الحكم، ولولا أمير المؤمنين وحكمه في أهل صفين والجمل لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبى ذلك عرض على السيف.
واما الرجل الذي أقر باللواط فإنه أقر بذلك متبرعا من نفسه ولم تقم عليه بينة ولا أخذه سلطان وإذا كان الامام الذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله أما سمعت الله يقول لسليمان (هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير) فبدأ بالمن قبل المنع فلما قرأ ابن أكثم قال للمتوكل: ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شئ بعد مسائلي هذه وانه لا يرد عليه شئ بعدها إلا دونها وفي ظهور علمه تقوية للرافضة.
جعفر بن رزق الله قال: قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: الايمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم:
يضرب ثلاثة حدود، وكتب المتوكل إلى علي بن محمد النقي يسأله، فلما قرأ الكتاب كتب: يضرب حتى يموت، فأنكر الفقهاء ذلك فكتب إليه يسأله عن العلة فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم، فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين السورة. قال: فأمر المتوكل فضرب حتى مات.
علي بن محمد النوفلي قال: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا وإنما كان عند آصف حرف واحد فتكلم به فانخرق له الأرض فيما بينه وبين سبا فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا وحرف واحد عند الله مستأثريه في علم الغيب.
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»
الفهرست