فقال: اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقه دارا وزوجة وولدا وخادما والحج خمسين سنة. قال: فرزقت كل ذلك. ثم إنه خرج بعد الخمسين حاجا فزامل أبا العباس النوفلي القصير، فلما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل في الوادي فحمله فغرقه الماء علي بن يقطين و عبد الله بن أحمد الوضاح قال: لما حمل رأس صاحب فخ إلى موسى بن المهدي أنشأ يقول:
بني عمنا لا تنطلقوا الشعر بعدما * دفنتم بصحراء الغميم القوافيا فلسنا كمن كنتم تصيبون سلمه * فيقبل قيلا أو يحكم قاضيا ولكن حد السيف فيكم مسلط * فنرضى إذا ما أصبح السيف راضيا فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن * ظلمنا ولكنا أسأنا التقاضيا فقد ساءني ما جرت الحرب بيننا * بني عمنا لو كان امرا مدانيا ثم اخذ في ذكر الطالبيين وجعل ينال منهم إلى أن ذكر موسى بن جعفر وحلف الله بقتله فتكلم فيه القاضي أبو يوسف حتى سكن غضبه. وأنهي الخبر إلى الإمام (ع) وعنده جماعة من أهل بيته فقال لهم: ما تشيرون؟ قالوا: نشير عليك بالابتعاد عن هذا الرجل وأن تغيب شخصك عنه فإنه لا يؤمن شره. فتبسم أبو الحسن وتمثل:
زعمت سخينة ان ستقتل ربها * وليغلبن مغلب الغلاب ثم انشد:
زعم الفرزدق ان سيقتل مربعا * ابشر بطول سلامة يا مربع ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: إلهي كم من عدو شحذ لي ظبة مديته وارهف لي شبا حده، دفع لي قواتل سمومه، ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمات الجوائح، صرفت ذلك بحولك وقوتك. إلى آخر الدعاء. ثم اقبل على أصحابه فقال لهم: يفرج روعكم فإنه لا يأتي أول كتاب من العراق إلا بموت موسى بن المهدي قالوا: وما ذاك أصلحك الله؟ قال: وحرمة صاحب القبر قد مات من يومه هذا والله (انه لحق مثل ما انكم تنطقون)، ثم تفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتب الواردة بموت موسى بن المهدي. وقال بعض أهل بيته شعرا منه:
يمر وراء الليل والليل ضارب * بجثمانه فيه سمير وهاجع تفتح أبواب السماء ودونها * إذا قرع الأبواب منهن قارع إذا وردت لم يردد الله وفدها * على أهلها والله راء وسامع واني لأرجو الله حتى كأنني * رأى بجميل الظن ما هو صانع ولما أمر هارون موسى بن جعفر (ع) ان يحمل إليه ادخل عليه وعلي بن يقطين على رأسه متوكئ على سيفه فجعل يلاحظ موسى (ع) ليأمره فيضرب به هارون ففطن له هارون فقال: قد رأيت ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين سللت من سيفي شبرا رجاء ان تأمرني فيه بأمرك، فنجا منه بهذه المقالة.
ويقال ان بعض الأسباب في اخذه (ع) ان الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمد الأشعث وكان يقول بالإمامة فحسده يحيى البرمكي حتى داخله فآنس به، وكان يكثر غشيانه في منزله ويقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد، ثم قال يوما لبعض ثقاته تعرفون طالبيا معدما يعرفني ما يحتاج إليه؟ فدل على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد (ع) فحمل إليه يحيى مالا، وكان موسى (ع) يبر علي بن إسماعيل ويصله ثم