مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ١٨١
ورآهما يبكيان فجلس يبكي وجعل أصحابه يأتون ويجلسون ويبكون حتى كثر البكاء وعلت الأصوات، فخرجت الاعرابية، وقام القوم وترحلوا ولبث الحسين بعد ذلك دهرا لا يسأل أخاه عن ذلك إجلالا، فبينما الحسن ذات ليلة نائما إذا استيقظ وهو يبكي فقال له الحسين: ما شأنك؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة، قال: وما هي؟ قال: لا تخبر أحدا ما دمت حيا، قال: نعم، قال: رأيت يوسف فجئت انظر إليه فيمن نظر فلما رأيت حسنه بكيت فنظر إلي في الناس فقال: ما يبكيك يا أخي بأبى أنت وأمي!
فقلت ذكرت يوسف وامرأة العزيز وما ابتليت به من أمرها وما لقيت من السجن وحرقة الشيخ يعقوب فبكيت من ذلك وكنت أتعجب منه، فقال يوسف: فهلا تعجبت مما فيه المرأة البدوية بالابواء.
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: دخل الحسن بن علي الفرات في بردة كانت عليه قال فقلت له: لو نزعت ثوبك، فقال لي: يا أبا عبد الرحمن ان للماء سكانا. وللحسين بن علي:
ذري كدر الأيام ان صفاءها * تولى بأيام السرور الذواهب وكيف يعز الدهر من كان بينه * وبين الليالي محكمات التجارب وله أيضا (ع):
قل للمقيم بغير دار إقامة * حان الرحيل فودع الا حبابا ان الذين لقيتهم وصحبتهم * صاروا جميعا في القبور ترابا وله أيضا (ع):
يا أهل لذات دنيا لا بقاء لها * ان المقام بظل زايل حمق وله أيضا (ع):
لكسرة من خسيس الخبز تشبعني * وشربة من قراح الماء تكفيني وطمرة من رقيق الثوب تسترني * حيا وإن مت تكفيني لتكفيني وقال الكميت:
وفي حسن كانت مصاديق لاسمه * أراب لصدعيها المهيمن مراب وحزم وعزم في عفاف وسؤدد * إلى منصب لا مثله كان منصب وقال المهذب البصري:
خيرة الله في العباد ومن يعضد * ياسين فيهم طاسين والالى لا تقر منهم جنوب * في الدياجي ولا تنام عيون
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست