فحضروه وهنوه على سلامة علي من الورطة التي رامها أعداؤه.
ثم قالوا له: يا رسول الله أخبرنا عن علي عليه السلام أهو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهل شرفت الملائكة إلا بحبها لمحمد وعلي وقبولها لولايتهما، وأنه لا أحد من محبي علي قد نظف قلبه من قذر الغش والدغل ونجاسات الذنوب إلا كان أطهر وأفضل من الملائكة، وهل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم أنه لا يصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوا عنها إلا - وهم يعنون أنفسهم - أفضل منه في الدين فضلا وأعلم بالله وبدينه علما، فأراد الله أن يعرفهم أنهم قد أخطأوا في ظنونهم واعتقاداتهم، فخلق آدم وعلمه الأسماء كلها ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها، فأمر آدم عليه السلام أن ينبأهم بها وعرفهم فضله في العلم عليهم، ثم أخرج من صلب آدم ذريته منهم الأنبياء والرسل والخيار من عباد الله أفضلهم محمد ثم آل محمد والخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار أمة محمد وعرف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ما حملوه من الأثقال وقاسوا ما هم فيه بعرض يعرض من أعوان الشياطين ومجاهدة النفوس واحتمال أذى ثقل العيال والاجتهاد في طلب الحلال ومعاناة مخاطرة الخوف من الأعداء من لصوص مخوفين ومن سلاطين جورة قاهرين وصعوبة في المسالك في المضائق والمخاوف والأجراع (1) والجبال والتلاع (2) لتحصيل أقوات الأنفس والعيال من الطيب الحلال، فعرفهم الله عز وجل أن خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا ويتخلصون منها ويحاربون الشياطين ويهزمونهم ويجاهدون أنفسهم بدفها عن شهواتها ويغلبونها مع ما ركب فيهم من شهوات الفحولة وحب اللباس والطعام والعز والرئاسة والفخر والخيلاء ومقاساة العناء والبلاء من إبليس وعفاريته وخواطرهم وإغوائهم واستهوائهم ودفع ما يكابدونه من أليم الصبر على سماعهم الطعن من أعداء الله وسماع الملاهي