ذلك على طريق علي الذي لا بد له من سلوكه ليقع هو ودابته في الحفيرة التي قد عمقوها، وكان ما حوالي المحفور أرض ذات حجارة ودبروا على أنه إذا وقع مع دابته في ذلك المكان كبسوه بالأحجار حتى يقتلوه.
فلما بلغ علي عليه السلام قرب المكان لوى فرسه عنقه وأطاله الله فبلغت جحفلته (1) أذنيه وقال: يا أمير المؤمنين قد حفر لك هيهنا ودبر عليك الحتف وأنت أعلم لا تمر فيه. فقال له علي عليه السلام: جزاك الله من ناصح خيرا كما تدبر تدبيري وإن الله عز وجل لا يخليك من صنعه الجميل، وسار حتى شارف المكان فوقف الفرس خوفا من المرور على المكان، فقال علي عليه السلام: سر بإذن الله سالما سويا عجيبا شأنك بديعا أمرك، فتبادرت الدابة فإن الله عز وجل قد متن الأرض (2) وصلبها [ولام (3) حفرها] كأنها لم تكن محفورة وجعلها كسائر الأرض، فلما جاوزها علي عليه السلام لوى الفرس عنقه ووضع جحفلته على أذنه ثم قال: ما أكرمك على رب العالمين أجازك على هذا المكان الخاوي (4). فقال أمير المؤمنين عليه السلام: جازاك الله بهذه السلامة عن نصيحتك التي نصحتني بها.
ثم قلب وجه الدابة إلى ما يلي كفلها والقوم معه بعضهم أمامه وبعضهم خلفه وقال، اكشفوا عن هذا المكان فكشفوا فإذا هو خاو لا يسير عليه أحد إلا وقع في الحفرة، فأظهر القوم الفزع والتعجب مما رأوا منه، فقال علي عليه السلام للقوم: أتدرون من عمل هذا؟ قالوا: لا ندري. قال عليه السلام: لكن فرسي هذا يدري، يا أيها الفرس كيف هذا ومن دبر هذا؟ فقال الفرس: يا أمير المؤمنين عليه السلام إذا كان الله عز وجل يبرم ما يروم جهال القوم نقضه أو كان ينقض ما يروم جهال الخلق إبرامه فالله