فحمد الله الحسن صلوات الله عليه وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس من عرفني فأنا الذي يعرف، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، ابن عم نبي الله، أول المسلمين إسلاما، وأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وجدي محمد بن عبد الله نبي الرحمة، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس أجمعين، فقطع عليه معاوية فقال، يا أبا محمد خلنا من هذا وحدثنا في نعت الرطب أراد بذلك تخجيله.
فقال الحسن عليه السلام: نعم التمر الريح تنفخه، والحر ينضجه، والليل يبرده ويطيبه.
ثم أقبل الحسن عليه السلام: فرجع في كلامه الأول فقال: أنا ابن مستجاب الدعوة أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض عن رأسه التراب، أنا ابن من يقرع باب الجنة فيفتح له فيدخلها، أنا ابن من قاتل معه الملائكة، وأحل له المغنم ونصر بالرعب من مسيرة شهر فأكثر، في هذا النوع من الكلام، ولم يزل به حتى اظلمت الدنيا على معاوية، وعرف الحسن من لم يكن عرفه من أهل الشام وغيرهم ثم نزل فقال له معاوية: أما إنك يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة، ولست هناك، فقال الحسن عليه السلام: أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وعمل بطاعة الله عز وجل، وليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن، واتخذ الدنيا أما وأبا، وعباد الله خولا، وماله دولا، ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكا فتمتع منه قليلا، وكان قد انقطع عنه، فأتخم لذته وبقيت عليه تبعته، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " " متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون " " وما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون " وأومى بيده إلى معاوية، ثم قام فانصرف. فقال معاوية لعمرو: والله ما أردت إلا شيني حين أمرتني بما أمرتني، والله ما كان يرى أهل الشام أن أحدا مثلي في حسب ولا غيره، حتى قال الحسن عليه السلام ما قال، قال عمرو: وهذا شئ لا يستطاع دفنه، ولا تغييره،