ثم قام الحسن فنفض ثيابه وهو يقول: " الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات " هم والله يا معاوية: أنت وأصحابك هؤلاء وشيعتك، " والطيبون للطيبات - أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم " ثم: علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه وشيعته.
ثم خرج وهو يقول لمعاوية: ذق وبال ما كسبت يداك وما جنت، ما قد أعد الله لك ولهم من الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة.
فقال معاوية لأصحابه: وأنتم فذوقوا وبال ما جنيتم.
فقال الوليد بن عقبة: والله ما ذقنا إلا كما ذقت، ولا اجترأ إلا عليك.
فقال معاوية: ألم أقل لكم إنكم لن تنتقصوا من الرجل فهلا أطعتموني أول مرة فانتصرتم من الرجل إذ فضحكم، فوالله ما قام حتى أظلم علي البيت، وهممت أن أسطو به فليس فيكم خير اليوم ولا بعد اليوم.
قال: وسمع مروان بن الحكم بما لقي معاوية وأصحابه المذكورون من الحسن بن علي عليهما السلام، فأتاهم فوجدهم عند معاوية في البيت فسألهم:
ما الذي بلغني عن الحسن وزعله؟
قالوا: قد كان كذلك.
فقال لهم مروان: أفلا أحضرتموني ذلك. فوالله لأسبنه ولأسبن أباه وأهل البيت سبا تتغنى به الإماء والعبيد.
فقال معاوية والقوم: لم يفتك شئ وهم يعلمون من مروان بذو لسان وفحش فقال مروان: فأرسل إليه يا معاوية فأرسل معاوية إلى الحسن بن علي.
فلما جاء الرسول قال له الحسن عليه السلام ما يريد هذا الطاغية مني؟ والله إن أعاد الكلام لأوقرن مسامعه ما يبقى عليه عاره وشناره إلى يوم القيامة، فأقبل الحسن فلما جائهم وجدهم بالمجلس على حالتهم التي تركهم فيها، غير أن مروان قد حضر معهم في هذا الوقت، فمشى الحسن عليه السلام حتى جلس على السرير مع معاوية وعمرو بن العاص.