صلى الله عليه وآله وسلم إلى فضاء واسع ثم نادى الجبل وقال: يا أيها الجبل بحق محمد وآله الطيبين بجاههم ومسائلة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية لنزع الناس كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة هائلة في قوم صالح حتى صاروا كهشيم المحتضر لما انفصلت من مكانك بإذن الله وجئت إلى حضرته هذه - ووضع يده على الأرض بين يديه.
فتزلزل الجبل وصار كالفارع الهملاج (1) حتى دنى من إصبعه أصله فلزق بها ووقف ونادى: ها أنا سامع لك مطيع يا رسول رب العالمين وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين مرني بأمرك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هؤلاء اقترحوا على أن آمرك أن تنقلع من أصلك فتصير نصفين ثم ينحط أعلاك ويرتفع أسفلك فتصير ذروتك أصلك وأصلك ذروتك. فقال الجبل: أتأمرني بذلك يا رسول رب العالمين؟ قال: بلى فانقطع نصفين وانحط أعلاه إلى الأرض وارتفع أسفله فوق أعلاه فصار فرعه أصله وأصله فرعه، ثم نادى الجبل: يا معاشر اليهود هذا الذي ترون دون معجزات موسى الذين تزعمون أنكم به مؤمنون؟.
فنظر اليهود بعضهم إلى البعض، فقال بعضهم: ما عن هذا محيص، وقال آخرون منهم: هذا رجل منجوت مؤتى له ما يريد - والمنجوت يتأتى له العجائب - فلا يغرنك ما تشاهدون. فناداهم الجبل: يا أعداء الله قد أبطلتم بما تقولون نبوة موسى، هلا قلتم لموسى إن قلب العصا ثعبانا وانفلاق البحر طرقا ووقوف الجبل كالظلة فوقكم إنما تأتي لك لأنك مؤتى لك يأتيك جدك بالعجائب فلا يغرنا ما نشاهده، فألقمتهم الجبال بمقالتها والصخور ولزمتهم حجة رب العالمين.
وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أتى يهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقام بين يديه يحد النظر إليه، فقال: يا يهودي ما حاجتك؟
فقال: أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلمه الله عز وجل وأنزل عليه التوراة والعصا وفلق له البحر وظله بالغمام؟