وروى أهل السير: أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
يا أمير المؤمنين خبرني عن الله أرأيته حين عبدته؟
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: لم أك بالذي أعبد من لم أره.
فقال له: كيف رأيته يا أمير المؤمنين؟
فقال له: يا ويلك لم تره العيون بمشاهدة العيان، لكن رأته العقول بحقايق الإيمان، معروف بالدلالات، منعوت بالعلامات، لا يقاس بالناس، ولا يدرك بالحواس فانصرف الرجل وهو يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وروي أن بعض الأحبار جاء إلى أبي بكر فقال له:
أنت خليفة نبي هذه الأمة؟
فقال: نعم.
قال: فإنا نجد في التوراة أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم، فخبرني عن الله أين هو أفي السماء أم في الأرض؟
فقال له أبو بكر: في السماء على العرش.
قال اليهودي: فأرى الأرض خالية منه، وأراه - على هذا القول - في مكان دون مكان.
فقال أبو بكر: هذا كلام الزنادقة أعزب عني (1) وإلا قتلتك.
فولى الرجل متعجبا يستهزئ بالإسلام، فاستقبله أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه، وما أجبت به، وإنا نقول:
إن الله عز وجل أين الأين فلا أين له، وجل عن أن يحويه مكان، وهو في كل مكان، بغير مماسة ولا مجاورة، يحيط علما بها، (2) ولا يخلق شئ من تدبيره تعالى، وإني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك، فإن عرفته أتؤمن به؟ قال اليهودي: نعم. قال: