ولا المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وخصماء الرحمن، وشهداء الزور والبهتان، وأهل العمى والطغيان (1) هم قدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله تعالى أمر تخييرا، وكلف يسيرا، ولم يعص مغلوبا، ولم يطع مكرها، ولم يرسل الرسل هزلا، ولم ينزل القرآن عبثا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار ثم تلى عليهم: " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " (2) قال: فنهض الرجل مسرورا وهو يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النشور من الرحمن رضوانا أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا * جزاك ربك عنا فيه إحسانا وليس معذرة في فعل فاحشة * قد كنت راكبها فسقا وعصيانا كلا ولا قائلا ناهيه أوقعه * فيه عبدت إذا يا قوم شيطانا ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا * قتل الولي له ظلما وعدوانا أنى يحب وقد صحت عزيمته * على الذي قال أعلن ذاك إعلانا وروي أن رجلا قال: فما القضاء والقدر الذي ذكرته يا أمير المؤمنين؟ قال:
الأمر بالطاعة، والنهي عن المعصية، والتمكين من فعل الحسنة وترك المعصية، والمعونة على القربة إليه، والخذلان لمن عصاه، والوعد والوعيد، والترغيب والترهيب، كل ذلك قضاء الله في أفعالنا، وقدره لأعمالنا، وأما غير ذلك فلا تظنه فإن الظن له محبط للأعمال.
فقال الرجل: فرجت عني يا أمير المؤمنين فرج الله عنك.
وروي أنه سئل عن القضاء والقدر فقال:
لا تقولوا: وكلهم الله عليه أنفسهم فتوهنوه، ولا تقولوا أجبرهم على المعاصي فتظلموه، ولكن قولوا: الخير بتوفيق الله، والشر بخذلان الله، وكل سابق في علم الله.