مال الفيئ، وتصرف في ثمن الكراع والسلاح، وأبواب الجهاد، ومصالح الثغور فأمضينا رأيكم، ولم يمضه من يدعيه، وهو ذا يبرق وعيدا، ويرعد تهديدا، إيلاء بحق محمد صلى الله عليه وآله أن يمضحها (1) دما ذعافا، والله لقد استقلت منها فلم أقل واستعزلتها عن نفسي فلم أعزل، كل ذلك كراهية مني لابن أبي طالب، وهربا من نزاعه، ما لي ولابن أبي طالب أهل نازعه أحد ففلج (2) عليه؟ فقال: له عمر أبيت أن تقول إلا هكذا؟ فأنت ابن من لم يكن مقداما في الحروب ولا سخيا في الجدوب سبحان الله ما أهلع (3) فؤادك، وأصغر نفسك، قد صفيت لك سجالا (4) لتشربها فأبيت إلا أن تظمأ كظمائك، وأنخت لك رقاب العرب، وثبت لك الإشارة والتدبير ولولا ذلك لكان ابن أبي طالب قد صير عظامك رميما، فأحمد الله على ما قد وهب لك مني، واشكره على ذلك، فإنه من رقى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان حقيقا عليه أن يحدث لله شكرا، وهذا علي بن أبي طالب الصخرة الصماء التي لا ينفجر ماءها إلا بعد كسرها، والحية الرقشاء التي لا تجيب إلا بالرقى، والشجرة المرة التي لو طليت بالعسل لم تنبت إلا مرا، قتل سادات قريش فأبادهم، وألزم آخرهم العار ففضحهم، فطب عن نفسك نفسا، ولا تغرنك صواعقه، ولا يهولنك رواعده وبوارقه، فإني أسد بابه قبل أن يسد بابك، فقال له أبو بكر: ناشدتك الله يا عمر لما أن تركتني من أغاليطك وتربيدك، فوالله لو هم ابن أبي طالب بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه، وما ينجينا منه إلا إحدى ثلاث خصال: إحداها: إنه وحيد ولا ناصر له، والثانية إنه ينتهج فينا وصية رسول الله صلى الله عليه وآله، والثالثة: إنه ما من هذه القبائل أحد إلا وهو يتخضمه (5) كتخضم الثنية الإبل أوان الربيع، فتعلم لولا ذلك لرجع الأمر إليه وإن كنا له كارهين، أما إن هذه الدنيا أهون إليه من
(١٢٩)