قال عمر بن الخطاب: فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام، فإنه جرت بيني وبينه منازعة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فنهاني رسول الله صلى الله عليه وآله عن مهاترته (1) فحلفت أن لا أكلمه أبدا.
قال عمر لأبي عبيدة: تكلم. فقام أبو عبيدة بن الجراح وتكلم بكلام كثير وذكر فيه فضائل الأنصار، وكان بشير بن سعد سيدا من سادات الأنصار لما رأى اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة لتأميره حسده وسعى في إفساد الأمر عليه وتكلم في ذلك ورضي بتأمير قريش وحث الناس كلهم لا سيما الأنصار على الرضا، بما يفعله المهاجرون.
فقال أبو بكر: هذا عمر وأبو عبيدة شيخان من قريش فبايعوا أيهما شئتم فقال عمر وأبو عبيدة: ما نتولى هذا الأمر عليك امدد يدك نبايعك. فقال بشير بن سعد: وأنا ثالثكما، وكان سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج، فلما رأت الأوس صنيع سيدها بشير وما ادعيت إليه الخزرج من تأمير سعد أكبوا على أبي بكر بالبيعة وتكاثروا على ذلك وتزاحموا، فجعلوا يطأون سعدا من شدة الزحمة وهو بينهم على فراشه مريض. فقال: قتلتموني، قال عمر: اقتلوا سعدا قتله الله، فوثب قيس بن سعد فأخذ بلحية عمر وقال: والله يا بن صهاك الجبان في الحرب والفرار الليث في الملأ والأمن لو حركت منه شعرة ما رجعت وفي وجهك واضحة (2) فقال أبو بكر مهلا يا عمر مهلا فإن الرفق أبلغ وأفضل. فقال سعد: يا بن صهاك - وكانت جدة عمر - الحبشية أما والله لو أن لي قوة على النهوض لسمعتها مني في سككها زئيرا أزعجك وأصحابك منها ولألحقنكما بقوم كنتما فيهم أذنابا أذلاء تابعين