(معاشر الناس) إنه لم يمت نبي قط إلا خلف تركة، وقد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي، ألا فمن ضيعهم ضيعه الله، ألا وإن الأنصار كرشي وعيبتي (1) التي آوي إليها، وإني أوصيكم بتقوى الله والإحسان إليهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
ثم دعا أسامة بن زيد فقال: سر على بركة الله والنصر والعافية حيث أمرتك بمن أمرتك عليه، وكان صلى الله عليه وآله قد أمره على جماعة من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين الأولين، وأمره أن يغير على مؤتة واد في فلسطين (2).
فقال له أسامة: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أتأذن لي في المقام أياما حتى يشفيك الله، فإني متى خرجت وأنت على هذه الحالة خرجت وفي قلبي منك قرحة فقال: انفذ يا أسامة لما أمرتك فإن القعود عن الجهاد لا يجب في حال من الأحوال قال: فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله أن الناس طعنوا في عمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله بلغني أنكم طعنتم في عمل أسامة وفي عمل أبيه من قبل، وأيم الله إنه لخليق للإمارة وإن أباه كان خليقا لها، وإنه وأباه من أحب الناس إلي فأوصيكم به خيرا، فلئن قلتم في إمارته لقد قال قائلكم في إمارة أبيه.
ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بيته، وخرج أسامة من يومه حتى عسكر على رأس فرسخ من المدينة، ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وآله: أن لا يتخلف عن أسامة أحد ممن أمرته عليه، فلحق الناس به، وكان أول من سارع إليه أبو بكر وعمر