بالابعاد بعد الاختصاص، لان الامر عظيم لا يحتمله (1) إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤكد في نفوسهم عظم الامر وجلالته.
فبلغ ذلك أبا القاسم رضي الله عنه فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه وممن تابعه على قوله، وأقام على توليه، فلما وصل إليهم أظهروه عليه فبكى بكاء عظيما، ثم قال: إن لهذا القول باطنا عظيما وهو أن اللعنة الابعاد، فمعنى قوله: لعنه الله أي باعده الله عن العذاب والنار، والآن قد عرفت منزلتي ومرغ خديه على التراب وقال: عليكم بالكتمان لهذا الامر.
قالت الكبيرة رضي الله عنها: وقد كنت أخبرت الشيخ أبا القاسم أن أم أبي جعفر بن بسطام قالت لي يوما وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتى انكبت علي رجلي تقبلها. فأنكرت ذلك وقلت لها: مهلا يا ستي فإن هذا أمر عظيم، وانكببت (2) على يدها فبكت ثم قالت: كيف لا أفعل بك هذا وأنت مولاتي فاطمة؟ فقلت لها وكيف ذاك يا ستي؟.
فقالت لي: إن الشيخ أبا جعفر محمد بن علي خرج إلينا بالسر (3)، قالت:
فقلت لها: وما السر (4)؟ قالت: قد أخذ علينا كتمانه وأفزع إن أنا أذعته عوقبت، قالت: وأعطيتها (5) موثقا أني لا أكشفه لاحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ رضي الله عنه يعني أبا القاسم الحسين بن روح.
قالت: إن الشيخ أبا جعفر قال لنا: إن روح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتقلت إلى أبيك يعني أبا جعفر محمد بن عثمان رضي الله عنه، وروح أمير المؤمنين عليه السلام انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، وروح مولاتنا فاطمة عليها السلام انتقلت إليك، فكيف لا أعظمك يا ستنا.
فقلت لها: مهلا لا تفعلي فإن هذا كذب يا ستنا، فقالت لي: [هو] (6)