بحدوثه عند السبب، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم﴾ (١) وقوله: ﴿وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم﴾ (٢) وهذا خبر عن ماض، ولا يجوز أن يتقدم مخبره، فيكون حينئذ جزاءا (٣) عن ماض وهو لم يقع بل هو في المستقبل.
وأمثال ذلك في القرآن كثيرة.
وقد جاء الخبر بذكر الظهار وسببه، وأنها (٤) لما [جادلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم] (٥) في ذكر الظهار أنزل الله تعالى: ﴿قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها﴾ (6) وهذه قصة (7) كانت بالمدينة فكيف ينزل الله تعالى الوحي بها بمكة قبل الهجرة، فيخبر بها أنها قد كانت ولم تكن!
(8) ولو تتبعنا قصص القرآن لجاء مما ذكرناه (9) كثير لا يتسع به المقال، وفيما ذكرناه منه كفاية لذوي الألباب. وما أشبه ما جاء به الحديث بمذهب المشبهة الذين زعموا أن الله سبحانه وتعالى لم يزل متكلما بالقرآن ومخبرا عما يكون بلفظ كان، وقد رد عليهم أهل التوحيد بنحو ما ذكرناه.
وقد يجوز في الخبر الوارد في نزول القرآن جملة في ليلة القدر بأن المراد أنه نزل جملة منه في ليلة القدر ثم تلاه ما نزل منه إلى وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأما أن يكون نزل بأسره وجميعه في ليلة القدر فهو بعيد مما يقتضيه ظاهر القرآن والمتواتر من الأخبار وإجماع العلماء على اختلافهم في الآراء (10).