ومنهم: من يتفضل (١) عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا، وهم الولدان المخلدون الذين جعل الله تعالى تصرفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعاملين (٢)، وليس في تصرفهم مشاق عليهم ولا كلفة، لأنهم مطبوعون إذ ذاك على المسار بتصرفهم في حوائج المؤمنين.
وثواب أهل الجنة الالتذاذ [بالمآكل والمشارب] (٣) والمناظر والمناكح وما تدركه حواسهم مما يطبعون على الميل إليه، ويدركون مرادهم بالظفر به وليس في الجنة من البشر من يلتذ بغير مأكل ومشرب وما تدركه الحواس من الملذوذات.
وقول من يزعم (٤): أن في الجنة بشرا يلتذ بالتسبيح والتقديس من دون الأكل والشرب، قول شاذ عن دين الاسلام، وهو مأخوذ من مذهب النصارى الذين زعموا أن المطيعين في الدنيا يصيرون في الجنة ملائكة لا يطعمون ولا يشربون ولا ينكحون .
وقد أكذب الله سبحانه هذا القول في كتابه بما رغب العاملين (٥) فيه من الأكل والشرب والنكاح، فقال تعالى: ﴿أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا﴾ (٦) الآية، وقال تعالى: ﴿فيها أنهار من ماء غير آسن﴾ (7) الآية ، وقال تعالى: