وروي فيه، وفكر فكرا ممعنا ((1))، ولم يجعل قراءته ونظره فيه صفحا دون شافي التأمل ولم يطمح ببصره عن حديث منها يشبه ما تقدمه دون إمعان النظر فيه والتبيين له، ولما يحوي من زيادة المعاني بلفظة من كلام الإمام (عليه السلام) بحسب ما حمله واحد من الرواة عنه علم أن هذه الغيبة لو لم تكن ولم تحدث مع ذلك ومع ما روي على مر الدهور فيها لكان مذهب الإمامة باطلا، لكن الله تبارك وتعالى صدق إنذار الأئمة (عليهم السلام) بها، وصحح قولهم فيها في عصر بعد عصر، وألزم الشيعة التسليم والتصديق والتمسك بما هم عليه، وقوي اليقين في قلوبهم بصحة ما نقلوه، وقد حذر أولياء الله صلوات الله عليهم شيعتهم من أن تميل بهم الأهواء، أو تزيغ بهم وبقلوبهم الفتن واللأواء في أيامها، ووصفوا ما يشمل الله خلقه به من الابتلاء عند وقوعها بتراخي مدتها، وطول الأمد فيها (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) ((2)).
فإنه روي عنهم (عليهم السلام) ما حدثنا به محمد بن همام، قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثمي، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال:
سمعته يقول: نزلت هذه الآية التي في سورة الحديد (ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) ((3)) في أهل زمان الغيبة، ثم قال عز وجل: (أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) ((4)) وقال: إنما الأمد أمد الغيبة، فإنه أراد عز وجل: يا أمة محمد،