لها وشغفا بها من غير اعتقاد للحق، ولا إخلاص فيه، فسلب الله جماله وغير حاله، وأعد له نكاله.
ومنهم من دان به على ضعف من إيمانه، ووهن من نفسه بصحة ما نطق به منه، فلما وقعت هذه المحنة التي آذننا أولياء الله صلى الله عليهم بها مذ ثلاثمائة سنة تحير ووقف، كما قال الله عز وجل من قائل: (كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون) ((1))، وكما قال: (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) ((2))، ووجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين (عليهم السلام) بما أمروا به من وهب الله عز وجل له حظا من العلم، وأوصله منه إلى ما لم يوصل إليه غيره من تبيين ما اشتبه على إخوانهم في الدين، وإرشادهم في الحيرة إلى سواء السبيل، وإخراجهم عن منزلة الشك إلى نور اليقين.
فقصدت القربة إلى الله عز وجل بذكر ما جاء عن الأئمة الصادقين الطاهرين (عليهم السلام) من لدن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخر من روي عنه منهم في هذه الغيبة التي عمي عن حقيقتها ونورها من أبعده الله عن العلم بها، والهداية إلى ما أوتي عنهم (عليهم السلام) فيها ما يصحح لأهل الحق حقيقة ما رووه ودانوا به وتؤكد حجتهم بوقوعها، ويصدق ما آذنوا به منها.
وإذا تأمل من وهب الله تعالى له حسن الصورة، وفتح مسامع قلبه، ومنحه جودة القريحة، وأتحفه بالفهم وصحة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين صلوات الله عليهم على قديم الأيام وحديثها من الروايات المتصلة فيها، الموجبة لحدوثها، المقتضية لكونها مما قد أوردناه في هذا الكتاب حديثا حديثا،