بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه، ومن دخل فيه بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول ((1)).
ولعمري ما أتي من تاه وتحير وافتتن وانتقل عن الحق وتعلق بمذاهب أهل الزخرف والباطل إلا من قلة الرواية والعلم وعدم الدراية والفهم، فإنهم الأشقياء، لم يهتموا بطلب العلم ولم يتعبوا أنفسهم في اقتنائه وروايته من معادنه الصافية على أنهم لو رووا ثم لم يدروا لكانوا بمنزلة من لم يرووا.
وقد قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): اعرفوا منازل شيعتنا عندنا على قدر روايتهم عنا وفهمهم منا ((2)).
فإن الرواية تحتاج إلى الدراية، وخبر تدريه خير من ألف خبر ترويه.
وأكثر من دخل في هذه المذاهب إنما دخل على أحوال:
فمنهم من دخله بغير روية ولا علم، فلما اعترضه يسير الشبهة تاه.
ومنهم من أراده طلبا للدنيا وحطامها، فلما أماله الغواة والدنيويون إليها مال مؤثرا لها على الدين، مغترا مع ذلك بزخرف القول غرورا من الشياطين الذين وصفهم الله عز وجل في كتابه، فقال: (شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) ((3)). والمغتر به فهو كصاحب السراب الذي يحسبه الظمآن ماء يلمعه عند ظمئه لمعة ماء، فإذا جاءه لم يجده شيئا، كما قال عز وجل ((4)).
ومنهم من تحلى بهذا الأمر للرياء والتحسن بظاهره، وطلبا للرئاسة، وشهوة