ذراريهم، ثلاثا. ومضى لوجهه لا يلوي على شئ حتى صار إلى الجامع، وقد كان الحسن بن سهل تقدم إليه بذلك وأمره ألا يأخذ على الطريق الذي انهزم فيه زهير، لئلا يرى أصحابه بقايا قتلى عسكره، فيجبنوا من ذلك. فأخذ على الطريق الجامع، فلما وافاها وبلغ أبا السرايا خبره، صلى الظهر بالكوفة، ثم جرد فرسان أصحابه ومن يثق به منهم واغذ السير بهم، حتى إذا قرب من الجامع فرق أصحابه ثلاث فرق وقال: شعاركم: يا فاطمي يا منصور "، واخذ هو في جانب السوق واخذ سيار في سيره الجامع وقال لأبي الهرماس: خذ بأصحابك على القرية فلا يفتك أحد منهم، ثم احملوا دفعة واحدة من جوانب عسكر عبدوس، ففعلوا ذلك فأوقعوا به وقتلوا منه مقتلة عظيمة، وجعل الجند يتهافتون في الفرات طلبا للنجاة، حتى غرق منهم خلق كثير. ولقى أبو السرايا عبدوسا في رحبة الجامع (1) فكشف خوزته عن رأسه وصاح: أنا أبو السرايا، أنا أسد بني شيبان، ثم حمل عليه، وولى عبدوس من بين يديه، وتبعه أبو السرايا فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته وخر صريعا عن فرسه. وانتهب الناس من أصحاب أبي السرايا وأهل الجامع عسكر عبدوس، وأصابوا منه غنيمة عظيمة، وانصرفوا إلى الكوفة بقوة وأسلحة.
ودخل أبو السرايا إلى محمد بن إبراهيم وهو عليل يجود بنفسه فلامه على تبييته العسكر، وقال: أنا أبرأ إلى الله مما فعلت، فما كان لك أن تبيتهم، ولا تقاتلهم حتى تدعوهم، وما كان لك ان تأخذ من عسكرهم إلا ما اجلبوا به علينا من السلاح.