قلوبكم الحرق بسوادها، أما والله لأستبدلن بكم قوما يعرفون الله حق معرفته، ويحفظون محمدا في عترته.
ثم قال: وما رست أقطار البلاد فلم أجد * لكم شبها فيما وطئت من الأرض خلافا وجهلا وانتشار عزيمة * ووهنا وعجزا في الشدائد والخفض لقد سبقت فيكم إلى الحشر دعوة * فلا عنكم راض ولا فيكم مرضى سأبعد داري من قلي عن دياركم * فذوقوا إذا وليت عاقبة البغض فقامت إليه جماعة من أهل الكوفة فقالوا: ما أنصفتنا في قولك، ما أقدمت واحجمنا، ولا كررت وفررنا، ولا وفيت وغدرنا، ولقد صبرنا تحت ركابك وثبتنا مع لوائك، حتى أفنتنا الوقائع، واجتاحتنا، وما بعد فعلنا غاية إلا الموت فامدد يدك نبايعك على الموت، فوالله لا نرجع حتى يفتح الله علينا أو يقضى قضاءه فينا فأعرض عنهم، ونادى في الناس بالخروج لحفر الخندق، فخرجوا فحفروا وأبو السرايا يحفر معهم عامة النهار، فلما كان الليل خرج الناس من الحندق وأقام إلى الثلث الأول من الليل، ثم عبأ بغاله وأسرج خيله، وارتحل هو ومحمد بن محمد بن زيد، ونفر من العلويين والاعراب، وقوم من أهل الكوفة، وذلك في ليلة يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة مضت من المحرم فأقام بالقادسية ثلاثا حتى تتام أصحابه ثم مضى على خفان وأسفل الفرات حتى صار على طريق البر ووثب بالكوفة أشعث ابن عبد الرحمن الأشعثي فدعا إلى هرثمة.
وخرج اشراف أهل الكوفة إلى هرثمة فسألوه الأمان للناس فأجابهم إلى ذلك وتألفهم. ودخل المنصور بن المهدي الكوفة، وأقام هرثمة خارجها، وفرق عسكره حوالي خندقها وأبوابها خوفا من حيلة، وخطب المنصور بن المهدي بالناس فصلى بهم.
وولى هرثمة غسان بن الفرج الكوفة وأقام هو أياما بظهر البلد حتى أمن