بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم تقرأ الحمد. قال الفقيه الذي لا شك في علمه. إن الدين لمحمد صلى الله عليه وآله، والهداية لعلي أمير المؤمنين عليه السلام، لأنها له صلى الله عليه وفي عقبه باقية إلى يوم القيامة، فمن كان كذلك فهو من المهتدين، ومن شك فلا دين له، ونعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى) (1) انتهى.
والتحقيق في دفع ذلك أن يقال: إن هذه الفقرات الواقعة في التوقيعات المذكورة، وإن كانت صريحة في أنه (عليه السلام) عبر عن بعض آبائه بالعالم، وعن بعضهم ببعض العلماء، وعن بعض بالفقيه، إلا أن التتبع في الاخبار، والتأمل التام في موارد الآثار فيها يكشف عن أن التعبير عن بعض الأئمة بالعالم، والفقيه، ونحوهما، إنما هو شئ شاع في أصحابنا في زمن الغيبة الصغرى وانقطاع أوان الحضور، وقبله لم يعهد عن أصحابنا ذلك، ولم يكونوا يعبرون بمثل هذا إلا نادرا، وكان المعروف بينهم التعبير عنهم عليهم السلام بكناهم وألقابهم المشهورة، والظاهر أن ما وقع لمولانا القائم عليه السلام - أقام الله به أركان الشريعة، وأقر بظهوره عيون الشيعة - في جملة توقيعاته مما مر، وغيره من أمثال ذلك التعبير، إنما نشأ من جهة ما شاع في أوائل الغيبة في ألسنة الرواة، وعلماء الأصحاب، وما كان معهودا بين السفراء وغيرهم، واستقر عليه ديدنهم في مكاتباتهم إياه، ومخاطباتهم له (عليه السلام) من تعبيرهم عن بعض آبائه عليهم السلام بذلك اللقب.
والوجه في ذلك أن من المشاهد المعروف بين أهالي العرف والعادات أن من يجب أحدا في مسألة من المسائل، ويتكلم معه في أمر من الأمور، يوافقه كثيرا في اصطلاحاته، ويتكلم معه على وفق ما هو المعهود لديه، فبعد التأمل في هذه الطريقة، وثبوت أن هذا الاصطلاح كان شائعا بين الشيعة في زمان الغيبة