وقالوا: ان حزقيل يدعو إلى مخالفتك، ويعين أعداءك إلى مضادتك، فقال لهم فرعون: هو ابن عمي، وخليفتي على ملكي، وولي عهدي، ان فعل ما قلتم فقد استحق أشد العذاب، على كفره لنعمتي، وان كنتم عليه كاذبين، فقد استحققتم أشد العذاب، لايثاركم الدخول في مساءته، فجاء بحزقيل وجاء بهم، وكاشفوه وقالوا: أنت تجحد ربوبية فرعون الملك وتكفر نعماءه، فقال حزقيل: أيها الملك، هل جربت علي كذبا قط؟ قال: لا، قال: فسلهم من ربهم؟ قالوا: فرعون هذا، قال لهم: ومن خالقكم؟ قالوا: فرعون هذا، قال: ومن رازقكم الكافل لمعائشكم والدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا: فرعون هذا.
قال حزقيل: أيها الملك، فأشهدك ومن حضرك، ان ربهم هو ربي، وان خالقهم هو خالقي، ورازقهم هو رازقي، ومصلح معائشهم هو مصلح معائشي، لا رب لي ولا خالق ولا رازق غير ربهم وخالقهم ورازقهم، وأشهدك ومن حضرك، ان كل رب وخالق ورازق سوى ربهم وخالقهم ورازقهم، فأنا برئ منه ومن ربوبيته وكافر بإلهيته.
وقال حزقيل هذا، وهو يعني ان ربهم هو الله ربي، وهو لم يقل ان الذي قالوا هم انه هو ربهم هو ربي، وخفي هذا المعنى على فرعون ومن حضره، وتوهموا أنه يقول فرعون ربي وخالقي ورازقي، فقال لهم: يا رجال السوء، ويا طلاب الفساد في ملكي، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمي وعضدي، أنتم المستحقون لعذابي، لإرادتكم فساد أمري، واهلاك ابن عمي والفت في عضدي.
ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد، وفي صدر كل واحد منهم وتد، وأمر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم، فلذلك قال الله: * (فوقيه الله يعني حزقيل سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب) * (2) وهم الذين وشوا إلى فرعون ليهلكوه: * (وحاق بآل فرعون) * وهم