القوة الشهوية أو العاملة الريح يعنى القوة المذكورة، وغلبت عليها في التجاذب، وجذبت تلك الريح الهواء فلا يتحقق أمره فرجعت الروح إلى البدن وسكنت فيه، وإن لم يأذن به صار الأمر بالعكس فيلحق إما بأهل الجنة أو بأهل النار، وإن كان ممدودا فالمراد الفضاء بين الأرض والسماء.
والمراد بتعلق الريح به كونها فيه وبجذبها إياه، مفارقتها عنه إلى البدن، وبجذبه إياها كونها فيه كما كان. هذا الذي ذكرناه على سبيل الاحتمال، والله أعلم بحقيقة الحال.
وقال (عليه السلام): وأما ما ذكرت من أمر الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق فإن صلى عند ذلك على محمد وآل محمد صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فأضاء القلب فذكر الرجل ما كان نسيه، وإن لم يصل على محمد وآل محمد ونقص من الصلاة عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم الحق ونسي الرجل ما كان ذكره.
أقول: الحق - بالضم - جمع الحقة وهي معروفة، وفتح الحاء أيضا محتمل والطبق الغطاء، وفيه دلالة على أن الصلوات على النبي وآله صلوات الله عليهم والتوسل بهم سبب لإدراك الحق وانكشافه على القلب وتركها سبب لعدم إدراكه ونسيانه، وفي الأخبار تصريح بأن العلوم الحقة كلها من جهة حضرته المقدسة.
وقال (عليه السلام): وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه أعمامه وأخواله فإن الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن، وعروق هادئة وبدن غير مضطرب فأسكنت تلك النطف في جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وأمه، وإن هو أتاه بقلب غير ساكن، وعروق غير هادئة، وبدن مضطرب اضطربت تلك النطفة ووقعت في وقت اضطرابها على بعض العروق. فإن وقعت في عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه وإن وقع على عرق من عروق الأخوال أشبه الرجل أخواله.
أقول: الظاهر أن عروق الأعمام في الأب وعروق الأخوال في الام وأن السكون والاضطراب يوجدان في الام أيضا كما يوجدان في الأب وإنما الظاهر ذلك لاحتمال أن يكون كلا العرقين في الام، ومن طريق العامة: إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه. ومن طريقهم الآخر: إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه. ومن طريق آخر: سأل النبي (صلى الله عليه وآله) حبر من أحبار اليهود عن الولد فقال (عليه السلام): ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر فإذا اجتمع فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله تعالى، وإذا علا مني المرأة مني الرجل انث بإذن الله تعالى. قال بعضهم: معنى العلو الغلبة على الآخر ومعنى السبق الخروج أولا، وزعم بعضهم أن العلو علة شبه الأعمام والأخوال، والسبق علة للإذكار والإيناث ورد ذلك التفصيل بأنه جعل في حديث الحبر العلو علة الإذكار والإيناث وأجاب