قوله: (يكون معه علم (1) يدل على صدق مقالته وجواز عدالته) وصف ل «حجة» كاشف عن معناها، وفي تنكير «علم» دلالة على التعظيم كما أن في حذف متعلقة دلالة على العميم فإن الحجة هو الذي له علم كامل لا يعتريه الجهل والنقصان وفضل شامل لا يفوته شيء وجد في ساحة الإمكان حتى يصح الاستدلال به على صدق كل ما يأتيه من الكلام وسير جواز عدالته بين فرق الأنام، وإنما خص هذه الأوصاف بالذكر لأنها اصول يتفرع عليها سائر الصفات اللايقة بالحجة إذ العلم بجميع الأقوال وجواز العدالة التي هي استقامة الباطن والظاهر وجريانها في البر والفاجر إذا اجتمعت في الإنسان فقد بلغ حد الكمال وتخلص عن النقصان واستحق أن يكون حجة الله على خلقه.
* الأصل:
2 - «محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون، بالله، قال:
صدقت، قلت: إن من عرف أن له ربا، فينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن له الطاعة المفترضة.
وقلت للناس: تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو الحجة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت:
فحين مضى رسول الله (عليه السلام) من كان الحجة على خلقه؟ قالوا: القرآن فنظرت، في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري الزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شيء كان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن؟ فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت: كله؟
قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال: إنه يعرف ذلك كله إلا عليا (عليه السلام) وإذا كان الشيء بين القوم فقال هذا:
لا أدري، وقال: هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري. وقال هذا: أنا أدري. فأشهد أن عليا (عليه السلام) كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن ما قال في القرآن فهو حق، فقال: رحمك الله.
* الشرح: