شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٦٥
النجدين) أي نجد الخير ونجد الشر ومن نظائره من الآيات والروايات ومن قوله تعالى (إن الله يحول بين المرء وقلبه) ومن نظائره من الآيات والروايات أن تصوير النجدين وتمييز نجد الخير من نجد الشر من جانبه تعالى وأنه تعالى قد يحول بين المرء وبين أن يميل إلى الباطل وقد لا يحول ويخلى بينه وبين الشيطان ليضله عن الحق ويلهمه الباطل; وذلك نوع من غضبه يتفرع على اختيار العبد العمى بعد أن عرفه الله تعالى نجد الخير ونجد الشر فهذا معنى كونه تعالى هاديا ومضلا، وبالجملة أن الله يقعد أولا في أحد اذني قلب الإنسان ملكا وفي أحد اذنيه شيطانا ثم يلقي في قلبه اليقين بالمعارف الضرورية، فإن عزم الإنسان على إظهار تلك المعارف والعمل بمقتضاها يزيد الله في توفيقه، وإن عزم الإنسان على إظهار تلك المعارف والعمل بمقتضاها يزيد الله في توفيقه وإن عزم على إخفائها وإظهار خلافها يرفع الملك عن قلبه ويخلي بينه وبين الشيطان ليلقي في قلبه الأباطيل الظنية، وهذا معنى كونه تعالى مضلا لبعض عباده.
وقال شارح كشف الحق للرد على الأشاعرة القائلين بأنه تعالى هو الهادي والمضل مستدلين بقوله تعالى (يضل من يشاء ويهدي من يشاء): إن هذا مدفوع بما فصله الأصحاب في تحقيق معنى الهداية والضلالة وحاصله أن الهدى يستعمل في اللغة بمعنى الدلالة والإرشاد نحو (إن علينا للهدى) وبمعنى التوفيق نحو (والذين اهتدوا زادهم هدى) وبمعنى الثواب نحو (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم جنات تجري من تحتها الأنهار) وبمعنى الفوز والنجاة نحو (لو هدانا الله لهديناكم) وبمعنى الحكم والتسمية نحو (أتريدون أن تهدوا من أضل الله) يعني أتريدون أن تسموا مهتديا من سماه الله ضالا وحكم بذلك عليه، والإضلال يأتي على وجوه، أحدهما: الجهل بالشيء يقال: أضل بعيره إذا جهل مكانه، وثانيها: الإضاعة يقال:
أضله أي أضاعه وأبطله، ومنه قوله تعالى (أضل أعمالهم) أي أبطلها، وثالثها: بمعنى الحكم والتسمية يقال: أضل فلان فلانا أي حكم عليه بذلك وسماه به، ورابعها: بمعنى الوجدان والمصادفة يقال: أضللت فلانا أي وجدته ضالا كما يقال: أبخلته أي وجدته بخيلا، وعليه حمل قوله تعالى (وأضله الله على علم) أي وجده وحمل أيضا على معنى الحكم والتسمية وعلى معنى العذاب، وخامسها: أن يفعل ما عنده يضل ويضيفه إلى نفسه مجازا لأجل ذلك كقوله تعالى (يضل به كثيرا) أي يضل عنده كثير.
وسادسها: أن يكون متعديا إلى مفعولين نحو (فأضلونا السبيلا) و (ليضل عن سبيله) وهذا هو الإضلال بمعنى الإغواء وهو محل الخلاف بيننا وبينهم، وليس في القرآن ولا في السنة شيء يضاف إلى الله تعالى بهذا المعنى (وما امروا إلا بدون سعتهم وكل شيء امر الناس بهم فهم
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354