ملكا ليسدده ويلهمه الحق، ومن جملة غضب الله تعالى على بعض أنه يخلي بينه وبين الشيطان ليضله عن الحق ويلهمه الباطل وبأن الله تعالى يحول بين المرء وبين أن يجزم جزما باطلا، إذا عرفت هذا فنقول: فيه رد على المعتزلة القائلين بأن المعرفة نظرية وجب على العبد تحصيلها بالنظر وأن العلوم النظرية كلها من صنع العبد بطريق التوليد الذي هو إيجاب لفاعله فعلا آخر كإيجاب حركة اليد لحركة المفتاح (والرضا والغضب) الرضا: كيفية نفسانية تنفعل بها النفس وتتحرك نحو قبول شيء سواء كان ذلك الشيء مرغوبا لها أو مكروها، والغضب: حالة نفسانية تنفعل بها النفس وتتحرك نحو الانتفام، وقد يطلقان على نفس الانفعال (والنوم واليقظة) النوم كما عرفت سابقا: حالة تعرض الحيوان من استرخاء أعصاب الدماغ من رطوبات الأبخرة المتصاعدة بحيث تقف الحواس عن أفعالها لعدم انصباب الروح الحيواني إليها، واليقظة: زوال تلك الحالة.
(٥٩)