شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٣٠
11 - «علي بن إبراهيم، عن محمد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل:
جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها. فقال له: جعلت فداك ففوض الله إلى العباد؟ قال: فقال: لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي; فقال له: جعلت فداك فبينهما منزلة، قال: فقال: نعم أوسع ما بين السماء والأرض».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل:
جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها) لا يخفى شناعة القول بأنه تعالى يقتل الأنبياء والشهداء ثم يعذب قاتليهم وهل هذا إلا بمنزلة عتاب القاتل سيفه وتعييره وتكسيره وتعذيبه بأنك لم قتلت فلانا ولو فعل ذلك لنسبه كل عاقل إلى السفاهة والجهالة، ولما أورد هذا على الجبرية قال بعضهم: يعذبهم بكسبهم. وفيه أنه إن أراد بالكسب كونهم فاعلين لأفعالهم فنعم الوفاق، وإن أراد مجرد المحلية فالقبح بحاله وإن أراد معنى آخر فهو أعلم به.
وقال المازري: الله سبحانه ملك ولا يسأل الملك عما يفعل. وفيه أن هذا اعتراف بورود السؤال إلا أن أحدا لا يقدر عليه. وقال الآبي: قتل الشهداء والسرقة والزناء إذا صدرت منه تعالى ليست بظلم لأنه تصرف في ملكه. وفيه أن هذا سفسطة وقال السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف لا القياس والنظرة، ومن عدل فيه عن التوقيف ضل وحار ولم يصل إلى ما يطمئن به القلوب. وفيه أن التوقيف الإلهي في القرآن العزيز وقع بتنزه قدس الحق عن أمثال هذه القبائح ونسبتها إلى العباد مع أن أصل الإيراد باق (فقال له: جعلت فداك ففوض الله إلى العباد) بأقدارهم وترك التدبير في امورهم وحوالته إليهم (قال: فقال: لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي) الحصر في اللغة:
الحبس والمنع، وفيه دلالة على أن الأمر بين الأمرين (1) هو الأمر والنهي ولا ينبغي أن ينكر ذلك

1 - قوله «وفيه دلالة على أن الأمر بين الأمرين» يمكن المناقشة في دلالة هذا الحديث من جهة أن القياس الاستثنائي ينتج من رفع التالي رفع المقدم ومن وضع المقدم وضع التالي إذا كان التالي لازما للمقدم. ولا ينتج من رفع المقدم رفع التالي ولا من وضع التالي وضع المقدم، ولا نسلم هنا كون التالي لازما إذ يتصور أن يأمرهم وينهاهم غير تفويض كما يجيء في كلام الشارح إن شاء الله ولذلك لم ينكر المفوضة وجود الأمر والنهي ولكن يدل عليه ما يأتي من رواية الاحتجاج عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام) فإنه صرح بأن التفويض بمعنى عدم الأمر والنهي وأن الذي يعترف بالتكاليف الإلهية وإثبات الثواب والعقاب على الامتثال والعصيان فهو ليس بمفوض فيرجع بناء على هذا الحديث التفويض إلى تفويض التشريع وجعل الأحكام لا إلى تفويض التكوين وهو خلاف المعلوم من مذهب المفوضة وهم المعتزلة وكتبهم دائرة مشهورة وآرائهم منقولة متواترة، والحق أن رواية الاحتجاج مرسلة لا حجة فيها فيما يحتج فيه بخبر الواحد فكيف في مثل هذه المسائل فرد معناه إلى أهله أولى والحاصل أنه لا يكفي في الخروج عن التفويض الالتزام بالتكاليف ولا يثبت به معنى الأمر بين الأمرين ويأتي في ذيل الرواية ما يؤيد المقصود (ش).
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354