11 - «علي بن إبراهيم، عن محمد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل:
جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها. فقال له: جعلت فداك ففوض الله إلى العباد؟ قال: فقال: لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي; فقال له: جعلت فداك فبينهما منزلة، قال: فقال: نعم أوسع ما بين السماء والأرض».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال له رجل:
جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها) لا يخفى شناعة القول بأنه تعالى يقتل الأنبياء والشهداء ثم يعذب قاتليهم وهل هذا إلا بمنزلة عتاب القاتل سيفه وتعييره وتكسيره وتعذيبه بأنك لم قتلت فلانا ولو فعل ذلك لنسبه كل عاقل إلى السفاهة والجهالة، ولما أورد هذا على الجبرية قال بعضهم: يعذبهم بكسبهم. وفيه أنه إن أراد بالكسب كونهم فاعلين لأفعالهم فنعم الوفاق، وإن أراد مجرد المحلية فالقبح بحاله وإن أراد معنى آخر فهو أعلم به.
وقال المازري: الله سبحانه ملك ولا يسأل الملك عما يفعل. وفيه أن هذا اعتراف بورود السؤال إلا أن أحدا لا يقدر عليه. وقال الآبي: قتل الشهداء والسرقة والزناء إذا صدرت منه تعالى ليست بظلم لأنه تصرف في ملكه. وفيه أن هذا سفسطة وقال السمعاني: سبيل معرفة هذا الباب التوقيف لا القياس والنظرة، ومن عدل فيه عن التوقيف ضل وحار ولم يصل إلى ما يطمئن به القلوب. وفيه أن التوقيف الإلهي في القرآن العزيز وقع بتنزه قدس الحق عن أمثال هذه القبائح ونسبتها إلى العباد مع أن أصل الإيراد باق (فقال له: جعلت فداك ففوض الله إلى العباد) بأقدارهم وترك التدبير في امورهم وحوالته إليهم (قال: فقال: لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي) الحصر في اللغة:
الحبس والمنع، وفيه دلالة على أن الأمر بين الأمرين (1) هو الأمر والنهي ولا ينبغي أن ينكر ذلك