شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٤١
للإنسان مريد فإذا أراد الفعل الفعل وفعل كان مع الاستطاعة والحركة (1) فمن ثم قيل للعبد مستطيع متحرك فإذا كان الإنسان ساكنا غير مريد وكان معه الآلة وهي القوة والصحة اللتان بهما يكون حركات الإنسان كان سكونه لعلة سكون الشهوة فقيل ساكن فوصف بالسكون، فإذا اشتهى الانسان وتحركت شهوته التي ركبت فيه اشتهى الفعل وتحرك بالقوة المركبة فيه واستعمل الآلة التي بها يفعل الفعل فيكون الفعل منه عندما تحرك واكتسبه.
فقيل: فاعل ومتحرك ومكتسب ومستطيع أولا ترى أن جميع ذلك في صفات يوصف بها الإنسان. ولعل المقصود من هذا الحديث والذي بعده أن الاستطاعة بمعنى القوة المؤثرة المأخوذة مع جميع جهات التأثير وشرائطه مع الفعل لا قبله ولا بعده، وهذا أمر متفق عليه بين الإمامية والمعتزلة والجبرية وهم الأشاعرة وإنما النزاع بينهم في أصل الاستطاعة والقدرة والكيفية المسماة بها هل هي موجودة قبل الفعل أم لا؟ فذهب الإمامية والمعتزلة إلى الأول والأشاعرة إلى الثاني وقالوا: لا قدرة سوى هذه القدرة المقارنة للفعل، وليس في هذين الحديثين دلالة على نفي تقدم القدرة المطلقة على الفعل، وبما ذكرنا اندفع ما أورده الفاصل الأسترآبادي من أن هذا الحديث والذي بعده ليس موافقا للحق فهو من باب التقية، فان قلت: إذ كانت الجبرية قائلة بالقدرة المقارنة فأين لزمهم القول بالجبر؟ قلت: إنهم يقولون: إذا أراد الله أن يخلق أفعالهم خلق فيهم قدرة مقارنة للفعل من غير أن يكون لقدرتهم مدخل وتأثير فيه بوجه من الوجوه وحاصله أن هناك قدرتين قدرة الله تعالى وقدرة العبد، فإذا تهيأ العبد بقدرته لإيجاد الفعل سبقت القدرة الإلهية إلى إيجاده فيوجد فأفعالهم مخلوقة مكسوبة لهم، والمراد بكسبهم مقارنة أفعالهم

١ - قوله «كان مع الاستطاعة والحركة» الظاهر أن الاستطاعة في هذه الأحاديث ومصطلح المتكلمين في عصر الصادق (عليه السلام) كانت أخص مما نفهمه الآن من هذه اللفظة، فإنا لا نفرق بينها وبين الاختيار المقابل للجبر فنفي الجبر يثبت الاستطاعة إذ هما نقيضان لا يرتفعان ولا يجتمعان، وأما في عصره (عليه السلام) فكانت يراد منها شيء من لوازم التفويض ومعلوم أن الجبر والتفويض ليسا متناقضين إذ يمكن ارتفاعهما ولا ريب أن مسألة الاستطاعة مما يرتبط مع مسألة الجبر والتفويض، وبالجملة فإن حملنا الاستطاعة على الاختيار فلابد من ترك هذه الأخبار أو حملها على التقية وإن حملناها على التفويض فهي باقية بحالها ويستقيم معناها، والثاني أولى إذ لا داعي إلى اتقاء المعصوم من إبداء حكم اختلف فيه المسلمون من صدر الإسلام ويدل على ما ذكرناه كلمات في نفس هذه الأحاديث فإنه (عليه السلام) نفي الجبر صريحا ولو كانت تقية لما نفاه. (ش)
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354