وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعلم الناس جميعا باتفاق الأمة ؤ دلت عليه روايات العامة أيضا، روى مسلم أنه (صلى الله عليه وآله) قال: «إني لأعلمكم بالله» وأيضا قال «أني أعلمهم بالله وأشدهم خشية» والعقل الصحيح يقتضي أن يكون نائبة أيضا أفضل الأمة جميعا، ولم يكن غير الأمير الجليل سيد الوصيين موصوفا بهذه الصفة بالاتفاق ولا ريب في أن هذه الصفة تبلغ كنهها وكمالها عقول البشر فكيف يجوز لهم اختيار الإمام بآرائهم القاصرة، وعقولهم الناقصة واعلم أن بعض الصوفية قال: إن علوم الأنبياء والأوصياء (صلى الله عليه وآله) ضرورية وسماه كشفا وهذا كلام فيه إجمال إذ يحتمل أن يراد بكونها ضرورية أنهم جبلوا عليها في أصل الفطرة ولم يستعملوا فيها نظرا أصلا، وأن يراد أن النظريات تصير في حقهم ضروريات بعد تحصيلها بالنظر بحيث لا يتأتي الانفكاك عنها ولا يتطرق إليها التشكك كما في العلوم الضرورية والأول أقرب بالنظر إلى مذهبنا. قوله (وراع لا ينكل) في بعض النسخ وداع بالدال المهملة والنكول: الجبن والضعف والامتناع يقال: نكل عن العدو ينكل بالضم أي جبن وضعف و امتنع من الإقدام عليه يعني أن الإمام راعي الامة وحافظهم لا يضعف ولا يمتنع من إجراء الأحكام والحدود عليهم و دفع المضار والعدو عنهم.
قوله: (معدن القدس) العدن: الإقامة ومنه سميت جنة عدن أي جنة إقامة يقال: عدن بالمكان يعدن عدنا إذا لزمه ولم يبرح منه، والمعدن: اسم مكان منه وهو موضع الإقامة يعني أن الإمام محل إقامة التقدس من العيوب (1) والطهارة من الذنوب ومحل النسك والزهادة أي الإتيان بجميع ما