بمجرد رأيه وهواه من غير أن يكون له دليل عقلي قطعي أو دليل نقلي أو عهد من الله على تجويزه له ذلك الحكم أو تقليد ممن يثق به وعيرهم بذلك إذ كل حكم لا سند له بأحد هذه الوجوه باطل لا يعتقد به عاقل ومن البين أن أمر الإمامة من أعظم أركان الإسلام فلا يجوز اختيار الخلق له بمجرد الرأي من غير سند. قال القاضي وغيره: فيه تعجب من حكمهم واستبعاد له وإشعار بأنه صادر من اختلال فكر واعوجاج رأي.
قوله: (أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون) أي أم لكم كتاب نزل من عند الله تعالى إليكم فيه تدرسون وتقرؤون أن لكم ما تختار ونه وتشتهونه قال القاضي: وأصله أن لكم بالفتح لأنه المدروس فلما جيء باللام كسرت. ويجوز أن يكون حكاية للمدروس أو استينافا.
وتخير الشيء واختياره أخذ خيره.
وفيه إشارة إلى أن ليس لهم دليل نقلي على ذلك الحكم، كما أن في الأول إشارة إلى أن ليس لهم دليل عقلي عليه «أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون» أي أم لكم عهود مؤكدة بالإيمان ثابتة لكم علينا بالغة في التأكيد متناهية فيه. وقوله «إلى يوم القيامة» متعلق بالمقدر في «لكم» أو ببالغة أي ثابته لكم تلك العهود إلى يوم القيامة، أو بالغة ذلك اليوم ولا نخرج عن عهدتها حتى نحكمكم في ذلك اليوم، وقوله «إن لكم لما تحكمون» جواب القسم لأن معنى أم لكم أيمان علينا أم أقسمنا كما صرح به المفسرون.
قوله: (سلهم أيهم بذلك زعيم) أي سل الحاكمين بمجرد رأيهم واختيارهم أيهم زعيم بذلك الحكم قائم به يدعيه ويصححه بحيث لا يتوجه إليه اللوم والعقوبة به.
قوله: (أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين) أي أم لهم شركاء ممن يوثق به في هذه الامة وفي الامم السابقة يشاركونهم في تقرير اصول الدين و فروعه واختيار الإمام بمجرد آرائهم فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين في دعواهم إذ لا أقل من التقليد. قال القاضي: قد نبه سبحانه في هذه الآيات على نفي جميع ما يمكن أن يتشبثوا به من عقل أو نقل أو وعد أو محض تقليد على الترتيب تنبيها على مراتب النظر وتزييفا لما لا سند له.
قوله: (وقال تعالى (أفلا يتدبرون القرآن)) أي أفلا يتصفحون القرآن ولا يتفكرون فيه ليجدوا ما فيه من الوعظ والنصيحة والأمر بالخيرات ومتابعة الرسول والنهي عن قول الزور وغيره حتى لا