بالفعل والترك إلا أنها في هؤلاء لما كانت متوجهة إلى طريق الخير ومتعلقة بسبيل المعرفة خصها بالذكر باعتبار هذا الطريق لا نتفاء أثرها في غيرها.
(ووضع عنهم) لطفا وتوفيقا لهم لمراعاتهم ما هو الغرض من هذه القوة (ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله) من الإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات والسلوك إلى الله، وبذلك صاروا من أهل المحبة والسعادة، فالقوة والإعانة منه تعالى، والفعل منهم على سبيل الاختيار.
(ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم) وجه التخصيص يعرف مما ذكر، وإنما أضاف المعصية إليهم لا إليه سبحانه كما في المحبة والمعرفة للتنبيه على أن معصيته مما ينبغي أن لا يقع وأنها لكونها من مقتضيات نفوسهم وجب أن يضاف إليهم ولما كان المراد بهذه القوة القوة الجامعة لشرائط التأثير في المعاصي بقرينة تخصيص تعلقها بالمعصية بالذكر أشار إلى تعليل هبتها بوجه يخرجها عن الجبر والظلم بقوله (لسبق علمه فيهم) بما يصيرون إليه من المعصية والمخالفة، وهذا العلم تابع للمعلوم بمعنى أنه مطابق له، والأصل في هذه المطابقة هو المعلوم إذ لولاه لم يتعلق العلم به لا بمعنى أنه متأخر عنه لاستحالة حدوث العلم له تعالى (ومنعهم إطاقة القبول منه) في الطاعات وسلوك سبيل الخيرات، والظاهر أن إضافة المنع إلى ضمير الجمع من باب إضافة المصدر إلى الفاعل، والمقصود أن هبة القوة المؤثرة في المعصية لأجل مجموع هذين الأمرين أعني العلم والمنع فلا يلزم الجبر لاستناد المنع إليهم. وإنما قلنا «الظاهر ذلك» لاحتمال أن يكون من باب إضافة المصدر إلى المفعول، والفاعل هو الله تعالى، والمقصود منه سلب التوفيق والإعانة عنهم بسبب إبطالهم الاستعداد الفطري لإطاقة القبول منه وإفسادهم القوة المعدة لقبول الطاعة ولا يلزم منه جبر ولا ظلم; لأن الجبر إنما يلزم لو لم يهب لهم القوة على الطاعة وإطاقة القبول (1) والظلم إنما هو وضع الشيء في غير موضعه، وهم بسبب ذلك الابطال والافساد خرجوا عن استحقاق الإعانة والتوفيق (فواقعوا) بالقاف والعين، وفي بعض النسخ: فوافقوا بالفاء والقاف (ما سبق لهم في علمه) من المعاصي الموجبة لعذابهم (2) (ولم