الخامس - إن إرادة العبد لأفعاله مخلوقة لله تعالى وقد صرح به سيد المحققين في تفسير قول الصادق (عليه السلام) «خلق الله المشية ثم خلق الأشياء بالمشية» حيث قال: المراد بالمشية هنا إرادة المخلوقين والمراد أنه تعالى خلق إرادتهم بنفسها لا بمشية أخرى مباينة لها ثم خلق الأشياء يعني أفاعيلهم المترتب وجودها على تلك المشية بتلك المشية وصرح به أيضا السيد الشهيد الثالث الشوشتري في شرحه لكشف الحق حيث قال في بحث إبطال الكسب: أصل الإرادة مخلوقة له تعالى، والإرادة الجازمة التي صدر منها الفعل وهي الجامعة للشرائط وارتفاع الموانع اختيارية لنا لأنه إذا حصل لنا العلم بنفع فعل يتعلق به الإرادة بلا اختيارنا لكن تعلق الإرادة به غير كاف في تحققه ما لم تصر جازمة بل لا بد من انتفاء كف النفس عنه حتى تصير جازمة موجبة للفعل فإنا قد نريد شيئا ومع هذا نكف نفسنا عنه وذلك الكف أمر اختياري يستند وجوده على تقدير تحققه إلى وجود الداعي إليه فإن عدم علة الوجود علة العدم وعدم الداعي إلى هذا وهكذا وغاية ما يلزم منه التسلسل في العدمات ولا استحالة فيه وبالجملة الإرادة الجازمة اختيارية لنا لاستناد عدم كف النفس المعتبر فيها إلى اختيارنا وإن لم يكن نفسها اختيارية.
ثم ذكر ما أورده بعض الجبرية على قول العلامة الحلي في كشف الحق بأن إرادة العبد فعل من أن الإرادة إذا كانت فعلا وهي عندك وعند أصحابك مخلوقة له في العبد والعبد بها يرجح الفعل كان بعض أفعال العباد عندكم مخلوقا له فوافقتمونا في البعض فلا نزاع بيننا وبينكم فيه فلم لا يجوز ذلك في الكل حتى يرتفع الخلاف بالكلية، وأجاب عنه بأن أصل الإرادة من الأفعال الاضطرارية ومحل النزاع هو الأفعال الاختيارية وبما قررنا يندفع ما ينسبه إليه أهل الخلاف والمشنعون علينا من أهل الإلحاد من أنه إذا كانت إرادته متعلقة بكل شيء لزم أن يكون جميع المعاصي مرادا له وأن يكون قتل الحسين (عليه السلام) مرادا له.
(وقدر وقضى) (1) لعل المراد بالقدر تقدير الموجودات طولا وعرضا وكيلا ووزنا وحدا ووصفا