شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٢
12 - علي، عن محمد، عن يونس، عن مالك الجهني، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.
* الشرح:
(علي، عن محمد، عن يونس، عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه); لأن السعي في الشيء على قدر عظمته وزيادة أجره، وفي هذا الإبهام دلالة على عظمة الأجر في هذا القول. كيف لا؟ وفيه اعتراف بتقديره تعالى وتدبيره وقدرته على إيجاد الحوادث واختياره في إفاضة الوجود على ما تقتضيه الحكمة والمصالح واقتداره على ما أراد عدمه وإبقاء ما أراد بقاءه، وفيه أيضا خروج عن قول اليهود القائلين بأنه تعالى قد فرغ من الأمر فراغا لا يريد، ولا يقدر ولا يدبر بعده شيئا (1) وعن قول الحكماء القائلين بأنه واحد لا يصدر عنه إلا الواحد، وينسبون ما زاد إلى العقل. وعن قول بعض المعتزلة القائلين بأنه خلق الأشياء كلها دفعة واحدة ثم يظهر وجوداتها متعاقبة بحسب تعاقب الأزمنة. وعن قول الدهرية القائلين بأن الجالب للحوادث هو الدهر. وعن قول الملاحدة القائلين بأن المؤثر هو الطبايع.

1 - قوله: «ولا يدبر بعده شيئا» إن العلامة المجلسي (رحمه الله) بعد ما ذكر التوجيهات التي نقلها عن سائر العلماء - قدس الله أسرارهم - وزيفها جميعا قال: ولنذكر ما ظهر لنا من الآيات والأخبار بحيث تدل عليه النصوص الصريحة ولا يأبى عنه العقول الصحيحة فنقول وبالله التوفيق: إنهم إنما بالغوا في البداء ردا على اليهود الذين يقولون إن الله قد فرغ من الأمر وعلى النظام، وبعض المعتزلة الذين يقولون إن الله خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الآن معادن ونباتا وحيوانا وإنسانا ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده، والتقدم إنما يقع في ظهورها لا في حدوثها ووجودها، وإنما أخذوا هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة وعلى بعض الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الفلكية وبأن الله تعالى لم يؤثر حقيقة إلا في العقل الأول فهم يعزلونه تعالى عن ملكه وينسبون الحوادث إلى هؤلاء فنفوا (عليه السلام) ذلك وأثبتوا أنه تعالى كل يوم في شأن من إعدام شيء وإحداث آخر وإماتة شخص وإحياء آخر إلى غير ذلك انتهى كلامه. وهذا الذي ظهر له من الآيات والأخبار ليس شيئا غير ما ذكره الشارح هنا وفي تفسير عنوان الباب، إلا أن الشارح قال هنا عن قول الحكماء القائلين بأن الواحد، اه‍.
وقال العلامة المجلسي (رحمه الله) على بعض الفلاسفة القائلين فزاد كلمة بعض لأنه اعتقد أن جميع الفلاسفة لا يقولون بتفويض الله تعالى أمر الخلق إلى العقول بل العقل عندهم سبب وواسطة كسائر العلل الطبيعية وبالجملة فما اختاراه عين قول الصدوق رحمهما الله وأنه رد لقول اليهود (وقد أورد - رحمه الله - كلام الصدوق في الصفحة 136 من المجلد الثاني من بحار الأنوار فراجع) وقال إنه بمعزل عن البداء وبينهما كما بين الأرض والسماء. ألا ترى إلى قوله إعدام شيء وإحداث آخر وإماتة شخص وإحياء آخر فإن ذلك ليس بداء، والبداء هو العزم بإماتة شخص بعينه ثم تغيير العزم وإحياء ذلك الشخص بعينه هذا هو الاصطلاح، وأما البداء في كلام الأئمة على تأويل الصدوق فشئ مخالف للبداء المصطلح ولا ضير فيه إذ كثيرا ما اتفق اختلاف الاصطلاحين. ومع ذلك فالبداء مصرح به في التوراة التي بأيدي اليهود الآن. (ش)
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست