فليس له ابتداء ولا انتهاء ولا فناء، والنفي راجع إلى القيد وإلا فهو الأول المطلق الذي لا شيء قبله، والآخر المطلق الذي لا شيء بعده، والغاية لكل شيء باعتبار أن مصاير الخلائق وعواقب الأمور إليه، فهو غاية مطالب السائرين ونهاية مقاصد الطالبين وهو الباقي بعد كل شيء، في وجوده الحق وكماله المطلق (سبحانه هو كما وصف نفسه) في القرآن الكريم وحين كان ولم يكن معه شيء لا كما وصف الظالمون المكذبون (والواصفون لا يبلغون نعته) وإن بالغوا; لأن عقول المقربين ونفوس المقدسين عاجزة عن إدراك كنه ذاته وحقيقة صفاته:
سبحان من تحير في ذاته سواه * فهم خرد بكنه كمالش نبرده راه از ما قياس ساحت قدسش بود * جنانك مورى كند مساحت گردون زقعر چاه (وحد الأشياء كلها عند خلقه (1) إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها) لعل المراد أنه ميز الأشياء عند خلقه لها في الأصول والمقادير والصور والأشكال والهيئات والصفات والأمزجة والأخلاق وغيرها إبانة لها من أن تشبهه تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله، وإبانة له تعالى من أن يشبهها في شيء من ذلك; لظهور أن جميع ذلك من فيض الوجود الحق وجعل الجاعل المطلق فلو وقع بينهما تشابه في شيء منه لزم افتقاره تعالى إلى جعل جاعل وإفاضة مفيض، وساحة قدسه منزهة عن ذلك، والمراد أنه جعل للأشياء حدودا ونهايات أو ذاتيات هي محدودة ومعلومة بها ليعلم أنه تعالى لا يشبهها في ذلك لأنه لا يحد ولا يجري عليه صفات المصنوعات المحدودة بأحد الوجهين والله أعلم (لم يحلل فيها) أصلا لا على الجزئية ولا على الوصفية ولا على التمكن والتحيز (فيقال هو فيها كائن) (2) هذا بمنزلة قياس استثنائي تقريره إن حل فيها جاز أن يقال هو فيها كائن والتالي باطل