والعميقات جمع العميقة وهي صفة لمحذوف وهو الأفكار، والتفكير: التأمل في الشيء ليجد غوره وأفكر في الشيء وفكر فيه وتفكر بمعنى، يعني حار في إدراك حقائق ملكوته وخواصها وآثارها وعظمتها وكيفية ترتيبها على النظام الأكمل وكيفية وقوعها عن القدرة القاهرة وغير ذلك مما هو محل التعجب والحيرة الأفكار العميقة الواقعة في مذاهب التفكير وطرقه الخفية والجلية، فسبحان من لا يكون لنا سبيل إلى إدراك ملكه وملكوته فكيف يكون لنا سبيل إلى إدراك عظمته وجبروته (وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير) الرسوخ: الثبوت، يقال: رسخ الشيء رسوخا إذا ثبت، وكل ثابت راسخ ومنه (الراسخون في العلم) وعلمه هنا مصدر مضاف إلى المفعول والضمير عائد إليه سبحانه، والجوامع وصف للكمالات المحذوفة يعني انقطع قبل تحقق الرسوخ في العلم بذاته وصفاته وأسراره سبحانه الكلمات الجامعة لأنحاء التفسير والتبيين لظهور أن تلك الكلمات لها معان ومفهومات حاصلة في الذهن وليس شيء منها هو الله تعالى ولا صفاته وإنما طريق معرفته والرسوخ في العلم به طور العقل العاري عن شوائب الأوهام (1) بأن يتلقى تلك المفهومات لا على وجه شعوره بما يشعر به من تلك الكلمات بل على وجه أعلى وأشرف بتعقل صرف، بريء عن علائق المواد، مجرد عن إدراك الوهم والحواس وتوابع إدراكاتهما من الأين والوضع والمقدار والكيف وغير ذلك مما لا يليق بجناب الحق فإذا أطلق عليه شيئا من أسمائه الحسنى مثل: الله والموجود والعالم والقادر والحي وغيرها ينبغي أن يحمله على أشرف مما يتخيله وأعلى مما يتصوره، ويعتقد أن ذاته ووجوده وعلمه وقدرته وحياته ليست كذات سائر الموجودات ووجودهم وعلمهم وقدرتهم وحياتهم ليخرج بذلك عن حد التشبيه المتعالى قدس الحق عنه.
(وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب) المكنون المستور يقال: كننت الشيء فهو مكنون