على الجدران والجسم على المكان أولا بالاستقرار والاعتماد عليه كالهواء على الماء والسماء على الهواء (فقد كفر) حيث وصفه بصفات المخلوقين وأنكر وجوده; لأن ما اعتقده ليس بإله العالمين.
(قلت فسر لي قال: أعني بالحواية من شيء له أو بإمساك أو من شيء سبقه) الأول ناظر إلى قوله «في شيء» والثاني إلى قوله «على شيء» والثالث إلى قوله «من شيء» فالنشر على غير ترتيب اللف وفيه كسر للأحكام الوهمية في وصف الباري; لأن الوهم لألفه بالمحسوسات وأنسه بالممكنات يتوهم أن كل شيء من شيء أو شيء أو على شيء فبين (عليه السلام) أن ذاته تعالت عن ذوات المخلوقات وصفاته تقدست عن صفات المحسوسات، وراء ما تجده هذه العقول المتلبسة بغواشي الأوهام وخلاف ما تستأنسه هذه النفوس والأفهام.
(وفي رواية أخرى من زعم أن الله من شيء فقد جعله محدثا) (1); لأن كل من كان من شيء فقد افتقر وجوده إلى ذلك الشيء وكل من افتقر في وجوده إلى شيء فهو محدث مخلوق (ومن زعم أنه في شيء فقد جعله محصورا) بذلك الشيء ومحويا به فيكون له انقطاع وانتهاء وكل ذلك من لواحق الأمور الزمانية والمكانية والمادية وقد ثبت امتناع كونه تعالى زمانيا ومكانيا وماديا (ومن زعم أنه على شيء فقد جعله محمولا) وكل محمول يفتقر إلى حامل يحمله، وكل مفتقر ممكن، ولا شيء من الممكن بواجب لذاته، وبالجملة هذه الأمور من سمات المخلوقات وصفات المصنوعات فمن وصفه تعالى بشيء منها فقد جعله مماثلا لخلقه تعالى الله الذي ليس كمثله شيء.
في قوله تعالى: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله).
هذا أيضا مثل ما مر كلام المصنف كسائر العنوانات، والظرف متعلق بإله، والراجع إلى الموصول مبتدأ محذوف أي هو إله في السماء، وإنما حذف لطول الصلة بمتعلق الخبر وبالعطف عليه، ولو جعل «إله» مبتدأ والظرف خبره بقي الموصول بلا عائد. كذا ذكره بعض المفسرين.
* الأصل: