شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٥٨
الله فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمرا أبين من هذا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي) الظاهر أنه داود بن علي اليعقوبي (1) الهاشمي الثقة الذي من أصحاب الكاظم (عليه السلام)، وقيل: من أصحاب الرضا (عليه السلام) وقيل: من أصحابهما لا جعفر بن داود ولا أخوه الحسين بن داود وهما من أصحاب الجواد (عليه السلام).
(عن بعض أصحابنا عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن يهوديا يقال له:
سبحت) بضم السين والباء وسكون الحاء المهملة (2) كذا سمعت ورأيت في بعض النسخ المصححة وفي بعضها بضم السين وسكون الباء وفتح الحاء المهملة، وفي بعضها أيضا كذلك إلا أنه بضم الخاء المعجمة، وقد نقل الصدوق (رحمه الله) في كتاب التوحيد حديث سبحت بإسناده مع تغيير يسير في المتن عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إنه كان فارسيا وكان من ملوك فارس وكان دريا يعني صاحب دراية وعلم وفهم وفصاحة.
(جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله) قال: ذلك على الرسم الذي كان معهودا بين الصحابة، وفي بعض النسخ فقال: يا محمد (جئت أسألك عن ربك) الذي تدعوننا إليه (فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه) أي فإن أجبتني بالجواب الصحيح، حذف الشرط لوجود المفسر وأبدل الضمير المتصل بالمنفصل فأنت فاعل فعل محذوف لا مبتدأ لأن حرف الشرط لا يدخل على الاسم فالتركيب نظير قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك) وحذف أيضا جواب الشرط وهو آمنت بك وقلت برسالتك بقرينة المقام.
(وإلا رجعت) على ما أنا عليه من التهود (قال: سل عما شئت قال: أين ربك؟) من الأمكنة، أفي السماء أو في الأرض أو في غيرهما (قال: في كل مكان) لا بمعنى الحصول والاستقرار فيه كحصول الجسم في مكان لاستحالة حصول شيء واحد في جميع الأمكنة (3) بالضرورة وليس له

1 - اليعقوبي بالباء الموحدة نسبة إلى يعقوبا وهي قصبة في ساحل نهر الديالة ببغداد وهو كما قال المصنف أبو علي داود بن علي اليعقوبي.
2 - قوله «وسكون الحاء المهملة» والأصح الخاء المعجمة وبخت كلمة كانت تدخل في أعلام أهل الكتاب وفيهم صهار بخت أي چهار بخت وبختيشوع وسبخت مركب من بخت وسه بمعنى الثلاثة. (ش) 3 - قوله «لا ستحالة حصول شيء واحد» لا يستحيل وجود شيء واحد في جميع الأمكنة إذا كان عظيما يملأها وهو واضح ولذلك استدركه الشارح بقوله: «وليس له طبيعة امتدادية - إلى آخر ما قال» وهذا يناقض كونه تعالى في مكان واحد أيضا لأن المتمكن في المكان لا بد أن يكون له طبيعة امتدادية وبالجملة إما أن يكون له تعالى طبيعة امتدادية نعوذ بالله تعالى أو لا يكون فإن كان فلا يستحيل كونه في جميع الأمكنة وإن لم يكن له استحال كونه في مكان واحد أيضا فالحق أن وجوده في كل مكان ليس بمعنى التحيز بل بمعنى القيومية والإحاطة وإشراق الوجود على كل شيء، وأما إحاطة العلم بكل شيء فهي وإن كانت صحيحة ولكنها غير كافية في مقصود السائل والمجيب إذ يمكن أن يكون موجود كالانسان في بعض الأمكنة كالدار ويحيط علمه بالسوق والبلد كما يكون الله تعالى عند المجسمة على العرش ويحيط علمه بكل ما في العالم، فالإحاطة بالعلم لا يكفي هنا بل لا بد مما حققه صدر المتألهين في تحقيق الوجود ووحدته الذاتية وكثرة شؤونه وأطواره، وإن شئت تمثل بحال النفس - ولله المثل الأعلى - فإن النفس في وحدتها كل القوى فهي مع القوة الباصرة والسامعة واللامسة وتفكر وتحرك وتمشي وتهضم الغذاء وتدبر في الملكوت. (ش)
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست